للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجَمَاعَةِ المَسْجِدِ، لا في بَيْتِهِ في مِصْرٍ.

===

وابنُ عمَ له، كما تَقَدَّمَ. والله تعالى أعلم.

وفي «الظَّهِيرية»: لَوْ تَرَك في السَّفَرِ الأَذَانَ وحدَه لم يُكْرَه، ولو تَرَكَ الإِقامةَ وحدَها كُرِه، لأَنَّ الأَذانَ لإعلامِ الغائبين، والرفقةُ حاضرون، والإقامةُ لإعلام افتتاح الصلاة، وهم مُحْتاجون إلى ذلك.

(و) في (جَمَاعَةِ المَسْجِدِ) أي: وكذا كُرِهَ تَرْكُهُما في مسجد جماعةٍ، وكذا تَرْكُ واحدٍ منهما لأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما سنّةٌ مؤكدةٌ فيها، (لا في بَيْتِهِ) أي لا يُكْرَهُ تَرْكُهما لِمُصَلَ في بيته (في مِصْرٍ) أي إذا فُعِلا في مسجدِ مَحَلَّته، لأَنَّهم لما نَصَّبُوا مؤذِّناً، صار فعله كفعلهم حكماً، كما يشير إليه ابن مسعود حين صلَّى بعلقمةَ والأسود في داره بلا أذانٍ ولا إقامة، حيث قال: أذَانُ الحيِّ يَكْفِينَا، رواه الأَثْرَمُ، حكاه سِبْط ابن الجوزيّ وغيرُه. (وفي رواية: إقامة المِصْر تكفينا) (١) .

وفي رواية: «أنَّ الأسودَ وعَلْقَمَةَ كانا مع عبد الله في الدَّار فقال عبد الله: أصلَّى هؤلاء؟ قالوا: نعم، قال: فصلَّى بهم بغيرِ أذانٍ ولا إقامةٍ». رواهما الطبرانيّ.

ولا يُكْرَهُ عندنا إقامةُ غير المُؤَذِّنِ برضاه، وبه قال مالكٌ وكَرِهَهَا الشافعيُّ. أمّا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ فلا يُكْرَهُ اتفاقاً. له ما رواه أبو داود والطَّحاويّ عن زياد بن الحارث الصُّدَائِي واللفظ للطَّحاوي، قال: «أَتَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كان أَذَانُ الصُّبْحِ، أمَرَنِي فأَذَّنْتُ، ثم قام إلى الصلاة، فجاء بلال لِيُقِيمَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ أخا صُدَاء أذَّنَ، ومَن أذَّنَ فهو يُقِيمُ».

ولنا ما روياه أيضاً عن عبد الله بن زيدٍ ـ واللفظ له أيضاً ـ قال: «أَتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأَخْبَرْتُه كيف رأيتُ الأذانَ فقال: ألْقِه على بلالٍ فإنَّه أَنْدَى صوتاً منك، فلمَّا أذَّنَ بلالُ نَدِمَ عبدُ الله، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِيم». ولفظ أبي داود: «أنا رأيته وإني كنت أريده، قال: فَأَقِمْ أَنْتَ». وأُجِيبَ بأنَّه إِنَّما أرادَ به تَطْيِيبَ قَلْبِه لفوات إرادته، أو تعليماً للجواز.

قلنا: وإنَّما مَنَعَ بلالاً منها لعدم رضاءِ الصُّدَائيّ بإقامةِ غيره، لِمَا في أبي داود من قوله: «فجعلت أقولُ: أُقِيمُ يا رسول الله؟ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلى ناحية المشرِق إلى الفجر فيقول: لا، حتى إذا طَلَعَ الفجر ـ أي أَسْفَرَ ـ نَزَلَ فَتَبَرَّزَ … » الحديثَ. ولأَنَّ الكراهةَ


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>