للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَقُومُ الإِمَامُ عِنْدَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، ويَشْرَعُ عِنْدَ: قَدْ قَامَتِ الصلاة.

===

لَيْسَت لِعَيْنِ الذِّكْرَين (١) بدليل عدمها عند غيبته (٢) ، بل للوحشة بين الذَّاكِرَين، فتنتفي بانتفائها. نعم، الأفضلُ أنْ يكونَ المُؤَذِّنُ هو المُقيمُ.

(وَيَقُومُ الإِمَامُ) والقَومُ (عِنْدَ) قول المقيم (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) لأَنَّهُ أمرٌ بالإقبالِ عليها، فَيُسْتَحَبُّ المُسَارَعَةُ إليها. (ويَشْرَعُ) أي الإمامُ والقومُ معه (عِنْدَ) قول المقيمِ (قَدْ قَامَتِ الصلاة) في قول أبي حنيفةَ ومحمد، وعند الفراغ من الإِقامةِ في قَول أبي يوسف.

والمعنى: إذا فَرَغ المُؤَذِّنُ من قوله: قد قامتِ الصلاة، شَرَعَ الإِمامُ. في «الخلاصة»: هذا هو الأصح، وقيل: مَعْناه أنَّه شَرَعَ فيها قبل تمام هذا القول. وفي «المحيط»: قال الإمام الحَلْوَانيّ: هذا هو الصحيح. وذكر في «الخِزَانة»: أنَّه لو لم يَشْرَعْ حتى فَرَغَ من الأَقامةِ فلا بَأْسَ به. والكلامُ في الاستحباب لا في الجواز. انتهى.

والجمهور على قول أبي يوسف لِيُدْرِكَ المُؤَذِّنُ أوَّلَ صلاة الإِمام، وعليه عَمَلُ أَهْلِ الحَرَمَيْن، والله تعالى أعلم.

وعند مالكٍ والشافعيّ: يُؤَخِّرُ الشُّرُوعَ إلى الفراغ من الإقامة واستواء الصفوف، لقول النُّعْمَان بنِ بَشِيرٍ: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُسَوِّي صفوفَنا إذا قُمْنَا إلى الصلاة، فإذا اسْتَوَيْنَا كَبَّرَ». ولقول أَنَس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن يمينه: اعتدلوا، سَوُّوا صفوفكم، وعن يساره: اعتدلوا، سوُّوا صفوفَكم». رواهما أبو داود.

هذا، ويُكْرَهُ للمُؤَذِّنِ أَخذُ الأجرةِ لِمَا رُوِيَ عن عثمان بن أبي العاص قال: «يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلني إمامَ قَوْمي، قال: أنت إمامهُم واقْتَدِ بأضعفهم واتخذ مُؤَذِّنَاً لا يَأْخُذُ على أذانه أجراً». رواه أبو داود بسند حسن. ولأَنَّه أجْرَةٌ على الطاعةِ وهي غيرُ جائزةٍ، وكذا أَخْذُ الأجرةِ على الحجِّ وتعليمِ القرآنِ والفقهِ، ولَكِنَّ المتأخرين جوَّزُوا على التعليمِ والإمامةِ في زماننا لحاجةِ النَّاس وظهورِ التَّوَاني في الأمور الدينية، وعليه الفتوى. والله تعالى أعلم.


(١) أي: الأذان والإقامة، وفي المخطوط: الذاكرَيْن، والمثبت من المطبوع وهو أولى.
(٢) أي: بدليل عدم الكراهة عند غيبة المؤذن. يعني لو أقام رجلٌ آخر غيرُ المؤذن، عند غيبة المؤذن، لا يُكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>