للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَتْرُ عَوْرَتِهِ،

===

كانت تحت قَدَمٍ واحدٍ أكثرَ من قَدْرِ الدِّرْهَمِ، الأَصَحُّ: أنَّها تَمْنَعُ، وإنْ جَازَتِ الصلاة مع رفعها (١) ، ولا يُجْعَلُ كأنَّها لم تُوضَعْ عليها. أَلَا تَرَى أنَّه لو سَجَد على مكانٍ نجسٍ تَفْسُدُ وإنْ أعاده (٢) على طاهرٍ خلافاً لأبي يوسف، وقيل: لا يَمْنَعُ بِنَاءً على إمكانِ القيام في الصلاة بأحدهما (٣) ، وأمّا إنْ كانت النجاسةُ في موضع يَدَيْه أو رُكْبَتَيْهِ فلا تَمْنَعُ، وإنْ كانت في موضع سُجُودِهِ تَمْنَعُ (عندهما، وعن أبي حنيفة روايتان: المنعُ وعدمُه، وهو بناء على رواية الاكتفاء في السجود بالأنف) (٤) ، وهو أقل من قدر الدِّرْهم.

وفي «عمدة الفتاوى»: أنّ موضع الركبتين إذا كان نجساً لا يجوز الصلاة، وكذا في موضع اليدين، وهو اختيار أبي الليث وتصحيحه في «العيون»، لتحقق التَّلبُّسِ بالنجاسة عند وضعهما عليها. والحكم بجواز الصلاة بدون وضعهما ينكره أبو الليث لأَنَّا أُمِرْنا بالسجود على سبعة أعضاءٍ.

(وسَتْرُ عَوْرَتِهِ) عطفٌ على «طُهْرِ بدن المصلي»، وذلك للإجماعِ على افتراضه في الصلاةِ لِمَا نَقَلَه غير واحدٍ من أئمة النقلِ، ومخالفةُ بعض مُتَأَخِّري المالكية كالقاضي إسماعيل بعد تقرر الإجماع لا يجوز، ويحتمل أنْ يكونَ سند الإجماع قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يقبل الله تعالى صلاة حائض إلاَّ بخمار». رواه أبو داود والترمذي، وحَسَّنه الحاكم وصححه. والمراد بالحائض: البالغةُ، أو مَنْ شأنها الحيض لِتَعُمَّ المُراهِقَة.

واستدل في «الهداية» وغيرها بقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (٥) أي ما يُوَارِي عورتَكم عند كل صلاة، لأَنَّ أخذَ الزينة نفسها ـ وهي عرض ـ محالٌ فأُرِيد محلها ـ وهو الثوب ـ، ولا يجبُ أخذ الزينة لعين المسجد فَدَلَّ أنه للصلاة، لكن كَنَّى عن الصلاة بالمسجد. فالأول من إطلاق اسم الحال على المحل، والثاني عكسه.

فإنْ قيل: رُوِيَ عن ابن عباس: أنَّها نزلت في شأن الطائفين عراة لا في حق


(١) أي القدم.
(٢) أي السجود.
(٣) أي أحد القدمين.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٥) سورة الأعراف، الآية: (٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>