للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشَعْرٍ نَزَلَ.

===

وبهذا تَبَيَّنَ أنَّه لا فرق بين العورة الغليظة وهي: القُبُلُ والدُبُرُ، وبين العورة الخفيفة وهي: غيرهما من موضع العورة في حقِّ الانكشافِ المانعِ وغيرِ المانعِ في صحة الصلاة وفسادها، وهذا أيضاً على الصحيح.

وذَكَر الكَرْخِيُّ: أنَّهُ يُعْتَبَرُ في الغليظة قَدْرُ الدرهم، وفي الخفيفة الرُبْعُ (١) ، كما في نوعي النجاسة. وهو ليس بقوي، لأنه قَصَدَ به التغليظ في العورة الغليظة، وهو في الحقيقة تخفيفٌ، لأَنَّه اعتُبِر في الدُّبر قَدْرَ الدرهم، والدُّبُرُ لا يكونُ أكْثَرَ من قدرِ الدرهم. فهذا يقتضي جواز الصلاة وإنْ كان كل الدُّبُرِ مكشوفاً، وهو تناقضٌ، فافهم.

ثم الساترُ الرقيقُ الذي لا يَمْنَعُ رُؤْيةَ العورةِ لا يكفي لجوازِ الصلاة لعدم الستر الواجب عليه. وإذا صلّى في ثوبٍ واحدٍ محلول الجيب، اخْتُلِفَ فيهِ: ففي «نوادر ابن شجاع» أشار إلى أَنَّه يجوز، وسَوَّى بين كثيف اللحية وخفيفها، فإنَّه ذكر عن أبي حنيفة وأبي يوسف: أَنَّه لو نظر إلى عورته لا تَفْسُدُ صلاته وهو الصحيح. وفي «الواقعات»: وذلك لأنَّ العورةَ إنما تُعْتَبَرُ عورةً في حق غيره دون نفسه. انتهى. لكن يُشْكِل بمسألة إذا صلّى في مفازةٍ أو بيت مظلم من غير ستر، فإنَّه لا يجوز اتفاقاً إذا كان على الستر قادراً.

(وشَعْرٍ) بالجر أي وكشعر (نَزَلَ) أي من رأس المرأة في المختار من الروايتين. وفي «المحيط»: الأصح أنه عورة وإلاَّ جاز النظر إلى صُدْغِ (٢) الأجنبية، أو طرف ناصيتها، وهذا يؤدي إلى الفتنة، وإنما لا يجب غسله على النساء في الجَنَابة على الصحيح لأَنَّ في غسله حرجاً. انتهى.

اعْتُرِضَ عليه بأنَّه لا ملازمة بين كون العضو غير عورة وجواز النظر إليه، إذ حِلُّ النظر منوطٌ بعدم خشية الشهوة مع انتفاء العورة، ولذا حُرِّمَ النظر إلى وجهها، ووجه الأَمْرَدِ (٣) ، إذا شك في الشهوة مع انعدام العورة، وهذا وجه الرواية النافية.

ثم العورة تنقسم إلى غليظة وخفيفة، فالغليظة: القُبُل والدُّبُر، والخفيفة: ما عدا ذلك، ويترتب على ما ذُكِرَ مراتب احتساب هنالك (٤) .


(١) أي ربع العضو.
(٢) الصُدْغ: جانب الوجه من العين إلى الأذن. المعجم الوسيط، ص: ٥١٠، مادة (صدغ).
(٣) الأمْرَد: الذي أبطأ بنات وجهه، وقيل: الذي لم تنبت لحيته. المصباح المنير، ص: ٢١٧، مادة (مرد).
(٤) أي تُجمع بالأجزاء، مثاله: انكشف ثُمُن فخذه من موضع وثمن فخذه من مرضع آخر، يُجمع الثمن إلى الثمن حسابًا، فيكون ربعًا، فيمنع. ولو انكشف ثمن فخذه من موضع من فخذه، ونصف ثمن =

<<  <  ج: ص:  >  >>