للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلّا الوَجْهَ والكفِّ والقَدَمَ.

وكَشْفُ رُبْعِ العُضْوِ يَمْنَعُ الصَّلاةَ. والسَّاقُ عُضْوٌ وَحْدَه، كالفَخِذِ، والذَّكَرِ مُنْفَرِدًا، والأُنْثَيَيْنِ،

===

(إلاّ الوَجْهَ والكفَّ والقَدَمَ) لقوله تعالى: {ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها} (١) أي إلاَّ ما جَرَتْ به العادة على ظهورها للأجانب من الوجه والكف والقدم، إذ من ضرورة إبداء الزينة إبداءُ مواضعها، والكحلُ زينةُ الوجه، والخَاتَم زينة الكف، ولأنَّ المرأة لا تجد بُدّاً من مزاولة الأشياء بيديها. ومن الحاجة إلى كشف وجهها خصوصاً: الشهادةُ والمحاكمةُ، وتَضْطَرُّ إلى المَشْي في الطرقات وظهور قَدَمَيْها خصوصاً الفقيرات. وعن أبي حنيفة: أنَّ القَدمَ عورةٌ، وبه قال الشافعيُّ لِمَا رُوِيَ: «أنَّ أُمَّ سلمةَ قالت: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم أَتُصَلِّي المرأةُ في دِرْعٍ (٢) وخِمَارٍ وليس لها إزارٌ؟ قال: إذا كان الدِّرْع سَابِغاً (٣) يُغَطِّي ظهور قدميها».

(وكَشْفُ رُبْعِ العُضْوِ) أي أيُّ عضوٍ كان (يَمْنَعُ) أيْ صحة (الصَّلَاةَ) ولا تَفسد الصلاة عندنَا بانكشاف القليل من العورة في زمن كثير، وهو ما يُؤَدَّى فيه رُكْنٌ كعكسه: وهو أنْ يَنْكَشِفَ منها كثيرٌ في زمن يسير، كما لو هَبَّتِ الريح فَكَشَفَتْ عَوْرَتَهُ، فتدارك سترها في الحال. وأفسدها مالك والشافعيّ، لأنَّ السترَ شرطُ صحةِ الصلاة مطلقاً ولم يوجد. ولنا اعتبارها بالوفاقية (٤) ، بجامع الضرورة.

(والسَّاق) أي ساق الحرة (عُضْوٌ) أي كامل (وَحْدَه) وهو من عورتها فيمنع انكشاف رُبْعِه الصحة (كالفَخِذِ) أيْ من الرجل والمرأة، والركبة من الفخذ، وقيل: عضوٌ منفردٌ.

(والذَّكَرِ) عطف على الفَخِذ دون الساقِ لقوله بعد هذا والأُنْثَيَيْن بالجر (مُنْفَرِداً) احترز به عن قول بعضهم: أنَّ الذَّكَرَ مع الأُنْثَيَيْن عضوٌ واحدٌ (والأُنْثَيَيْنِ) أيْ منفردين كما في الدِّيَةِ. وأُذُنُها عورةٌ بانفرادها، وأمَّا ثَدْيُها فإنْ كان مرتفعاً تَبِعَ صَدْرَها، وإنْ كان مُنْكَسِراً صار أصلاً بنفسه. وكلٌّ من الأَلْيَتَيْنِ عضوٌ على حدة، والدُّبُرُ ثالثهما في الصحيح.


(١) سورة النور، الآية: (٣١).
(٢) دِرْعُ المرأة: قميصها. النهاية: ٢/ ١١٤.
(٣) سَابِغًا: أي تامًّا. النهاية: ٢/ ٣٣٨.
(٤) في المطبوع: "بالوقاية".

<<  <  ج: ص:  >  >>