للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَعَ اللَّفْظِ أفْضَلُ. ويَكْفِي لِغَيرِ الفَرْضِ والوَاجِبِ نِيَّةُ مُطْلَقِ الصَّلاةِ، وشرِطَ لَهُمَا التَّعْيين لا العَدَدُ.

===

بعمل يمنع الاتصال كالكلام، والأكل، والشرب، ونحوها، ولا يجوز الصلاة بنية مُتأخِّرة عن التكبيرة، لئلا يخلو أول جزء من القيام عن النية فلا يكون عبادة، فلا يكون الباقي أيضاً عبادة، لأنه مبني عليه، وهذا هو الصواب وهو ظاهر الرواية. وقال الكرْخِيّ: يصح ما دام في الثناء، وقيل: يصح إذا تقدمت على الركوع، وهذا أيضاً مبني على أنَّ تكبيرة التحريمة شرط، ولا ترتيب بين الشرائط. وإنَّما لا بد (من) (١) وجود كلها قبل أركان الصلاة. فإذا وُجِدَت النية بل الركوع فقد قارنت بعض القيام وحصل المرام.

(ومَعَ اللَّفْظِ) أي والقصد مع التَلَفُّظ بما يدل عليه (أفْضَلُ) منه بلا تَلَفُّظٍ، لأنَّ اللسان ترجمان الجَنان، وهذا بدعة حسنة استحسنها المشايخ للتقوية، أو لدفع الوسوسة، ولا عبرة بالنطق باللسان وحده، حتى لو نَطَقَ بظُهْرٍ ونوى عصراً، يكون عصراً.

وأمَّا التكبير، فلا بد منه للشروع في الصلاة، إلاَّ على قول أبي بَكْرٍ الأَصَمِّ، وإسماعيل بن عُلَيَّة، فإنَّهما يقولان: يَصِيرُ شارعاً بمجرد النية، والأَذْكار عندهما كالتكبير والقراءة زينة الصلاة، وليست من الواجبات. وشَرَطَ الشافعيّ المقارنة بينهما. وفي كيفيتهما لأصحابه وجهان: إمّا النية بالقلب مع ابتداء التكبير باللسان والفراغ منهما معاً، وإمَّا القِران العرْفي بحيث يُعَدُّ مستحضراً للصلاة غير غافل عنها، وهو اختيار إمام الحرمين، والغزالي، وقريب من مذهب أصحابنا.

(ويَكْفِي لِغَيْرِ الفَرْضِ والوَاجِبِ) سواء كان نفلاً، أو سنة مؤكّدة، (نِيَّةُ مُطْلَقِ الصَّلاةِ) لأَنَّ تعيين النوافل والسنن بوقوعها في أوقاتها، فلا يَفْتَقِرُ إلى تعيين (وشُرِطَ لَهُمَا) أي للفرض والواجب (التَّعْيِينُ) لأَنَّ الفروض والواجبات كثيرة، فلا بد من تعيين ما يراد أداؤه في النيّة (لا العَدَدُ) أي لا يُشْتَرَطُ للفرض والواجب نية عدد الركعات، لأَنَّ قصد التعيين مُغْنٍ عنه، ولو نوى الظهر ثلاثاً، أو الفجر أربعاً جاز. وكذا لا يشترط نيّة الكعبة، لا عينها ولا جهتها، لأن القيام لَمَّا تَعَيَّنَ للصلاة بالنية، تَعَيَّنَ الاستقبال للصلاة ضرورة، ولأن الاستقبال شرط، والشرط لا يحتاج إلى نية كما تقدم، والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) ما بين الحاصرتين زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>