للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَضُرُّ جَهْلُهُ جِهَةَ إِمَامِهِ، بَلْ تَقَدُّمُهُ، أوْ عِلْمُ مُخَالَفَتِهِ. ويَقْصدُ صلاتَهُ واقْتِدَاءَه، إن اقْتَدَى مُتَّصِلًا بالتَّحْرِيمَةِ،

===

الشام، ثم أُمِرَ أنْ يستقبل القبلة وهو راكع في الركعة الثانية، فاستدار إلى الكعبة ودارت الصفوف خلفه، ثم أَتَمَّ الصلاة، فسُمِّيَ مسجد القبلتين لهذا.

(ولا يَضُرُّ جَهْلُهُ) أي المُقْتَدي (جِهَةَ إِمَامِهِ) يعني: أنَّ من صلَّى في ليلة مظلمة مع إمامه، وتوجه كل منهما بالتحري إلى جهة، وكان المأموم جاهلاً جهة إمامه، لا تبطل صلاته، لأنه توجّه إلى ما هو القبلة في حقه، وهو جهة تحريه. وصار كما لو صلّى داخل الكعبة إلى غير جهة إمامه، ولم يَعْلَم مخالفة جهة إمامه، لعدم اعتقاده بأن إمامه على الخطأ في توجّهه (إذا علم أنه ليس خلفه) (١) .

(بَلْ) يضر (تَقَدُّمُهُ) على إمامه لِتَرْك فرض مقامه، كما إذا صلى داخل الكعبة مع إمامه. (أوْ عِلْمُ مخالفته) جهة إمامه لاعتقاده أنَّ إمامه، على الخطأ، «فعلم» مصدر مرفوع بالعطف على تَقدّمه.

(ويَقْصِدُ) أي المصلي بقلبه (صَلَاتَهُ) سواء صلّى منفرداً أو إماماً أو مقتدياً لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيّات». رواه الشيخان وغيرهما، يُجْمَع على صحته، فقد رواه سبع مئة رجل من أصحاب يحيى بن سعيد، فهو مشهور بالنسبة إلى آخره، غريبٌ بالنسبة إلى أوله، وليس متواتراً لفقد الشرط في بدئه، ولأنَّ بالنية تتميز العبادات عن العادات.

وعن محمد: أنَّ من توضَّأ يريد به صلاة الوقت، وغَرَبَتْ (٢) عنه النيّة عند الشروع جازت صلاته. وفي «الرَّقِّيَّات»: من خرج من منزله يريد الصلاة التي كان القوم فيها، فَلَمَّا انتهى إلى القوم كَبَّر ولم تحضره النية، فهو داخل مع القوم، لأنَّ النية وُجِدَت فتبقى حكماً حتى يأتي المُبْطِل ولم يوجد. انتهى.

ولا يخفى أن هذا كله مبني على أنّ النية من شروط الصلاة، ولا يشترط فيها الاتصال بخلاف الأركان، وفي هذا توسعة ورفق بأهل الإيمان والله المستعان.

(و) يقصد (اقْتِدَاءَه) بالإمام (إن اقْتَدَى) لأَنَّه يلزم الفساد من جهته، فلا بد له من التزامه في نيّته، ولو نوى الاقتداء بزيد فإذا عمرو لا يجوز، لأنه اقتدى بغائب، ولو نوى الاقتداء ظاناً أنه زيد فإذا هو عمرو، يجوز.

(مُتَّصِلاً) ذلك القصد (بالتَّحْرِيمَةِ) أي بتكبيرة الافتتاح من غير فصل بينهما


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) غَرَبَ: أَي بَعُدَ. مختار الصحاح ص: ١٩٧ مادة (غرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>