للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقِيَامُ، وقِرَاءَةُ آيةٍ، في كُلٍّ من رَكْعَتَي الفَرْضِ،

===

بفرض، فتعين هذا التكبير، لئلا يؤدي إلى تعطيل النص. وقوله عليه الصلاة والسلام: «مفتاح الصَّلاة الطُّهُور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم». رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه عن عليّ كرّم الله وجهه، وحَسَّنَه النووي.

(والقِيَامُ) يعني في غير السنن، والنوافل لقوله تعالى: {وقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (١) أيْ ساكتين، أو داعين، أو خاشعين، أو مخلصين، أو طائعين. والمراد في الصلاة لعدم وجوبه في غيرها، ولِمَا رَوَى البخاري، وأحمد والأربعة من حديث عِمْرَان بن حُصَيْن: أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال له: «صَلِّ قائماً، فإنْ لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنبك».

(وقِرَاءَةُ آيةٍ) طويلة كانت، أو قصيرة لقوله تعالى: {فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ} (٢) فإنَّها نَزَلَت في الصلاة بدليل سياق الآية، ولقوله عليه الصلاة والسلام للمسيء صلاته: «ثم اقرأ ما تيسّر معك من القرآن» (٣) وما دون الآية غير مراد بالإجماع، فتبقى الآية.

(في كُلَ مِنْ رَكْعَتَيّ الفَرْضِ) أي: أيُّ ركعتين كانتا منه. وقال مالك: في أكثره. وقال زُفَر: في ركعة واحدة، وبه قال الحسن البَصْري.

ولنا أنَّ الأمر لا يقتضي التكرار، والركعة الثانية كالأولى في عدم سقوطها في السفر، فتثبت القراءة فيها بطريق الدلالة. وقال الشافعي: يجب قراءة الفاتحة في كل ركعات الفرض، والنفل بناء على أنَّ كل ركعة صلاة على حدة عنده، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة إلاَّ بقراءة فاتحة الكتاب» (٤) . وسيأتي عنه الجواب. إلاَّ أنَّ الأفضل أن يقرأ فيما بعد الأُولَيَيْنِ، لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم داوم على ذلك. كذا ذكره صاحب «الهداية» وفيه: أنه يَلْزَم من المداومة والمواظبة الوجوب، خصوصاً وفي الصحيحين عن أبي قَتَادَة: «أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأُخْرَيَيْنِ بأُمِّ الكتاب». لكنْ رَوَى أبو داود: «أنَّ ابن عباس سُئِلَ: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا». ورَوَى الطَّحَاوِيّ عنه أيضاً: أنه قيل له: «إنَّ ناساً يقرؤون في الظهر والعصر،


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٣٨).
(٢) سورة المزمل، الآية: (٢٠).
(٣) سيأتي تخريجه عند المؤلف ص ٢٣١.
(٤) أخرجه الترمذي في سننه ٢/ ٢٥، كتاب الصلاة (٢)، باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب (٦٩)، رقم (٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>