إشكال في وجوب الإعادة إذ هو الحكم في كل صلاة أُدِّيَت مع الكراهة التحريمية، ويكون جابراً للأول لأن الفرض لا يتكرر. وجَعْلهُ الثاني يقتضي عدم سقوطه بالأول، وهو لازم من ترك الركن لا الواجب.
وقال بعض المحققين: وينبغي أنْ تكون القَوْمة والجَلْسة واجبتين للمواظبة، ولعله كذلك عندهما ويدل عليه إيجاب سجود السهو فيه كما ذُكِرَ في «فتاوي قَاضِيخَان» في فصل ما يُوجب السهو، قال: المصلي إذا ركع ولم يرفع رأسه من الركوع حتى خرّ ساجداً ساهياً، تجوز صلاته في قول أبي حنيفة ومحمد وعليه السهو. ويُحْمَل قول أبي يوسف: أنها فرائض، على الفرائض العملية وهي الواجبة، فيرتفع الخلاف. انتهى. إلاَّ أنَّ الحَمْلَ بعيد، لِحُكْمِهِ عند فوتها بعدم الصحة، عمداً كان أو سهواً وحكمهما بصحتها ناقصة في الأول، مجبورة بسجود السهو في الثاني.
ثم اعلم أنَّ المراد من حديث المسيء صلاته ما ورد في «الصحيحين» عن أبي هريرة من قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي دخل المسجد، فصلّى ثم جاء فسلّم عليه، فقال:«ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ». حتى فعل ذلك ثلاث مرار فقال الرجل:«والذي بعثك بالحق ما أُحْسِنُ غير هذا فَعَلِّمْنِي، فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئنَّ راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم اجلس حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها، فإذا فعلت هذا فقد تَمَّتْ صلاتك».
زاد أبو داود:«وما انْتَقَصْتَ من هذا، فقد انْتَقَصْتَ من صلاتك»، وفي الترمذي: فقال الرجل في آخر ذلك: «فأرِنِي وعَلِّمْني، فإنما أنا بشر أُصيب وأخطاء، فقال: أجل، إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله، ثم تشهَّد فأقم أيضاً، فإنْ كان معك قرآن فاقرأ، وإلاّ فاحمد الله وكَبِّره وهَلِّله، ثم اركع فاطمئن راكعاً، ثم اعتدل قائماً، ثم اسجد فاعتدل ساجداً، ثم اجلس فاطمئنَّ جالساً، ثم قم، فإذا فعلت ذلك فقد تَمَّتْ صلاتُك، وإن انتقصتَ منه شيئاً فقد انتقصت من صلاتك».
وفي النّسائي: «فدخل رجل فصلّى ركعتين ثم جاء فسلّم على النبيّ صلى الله عليه وسلم وقد كان يَرْمُقُه (١) في صلاته فَرَدَّ عليه السلام، ثم قال ارجع فصلّ حتى كان عند الثالثة أو
(١) يرمقه: أي ينظر إليه شَزْرًا. النهاية: ٢/ ٢٦٤. والشَّزْر: نظر الغضبان بمؤخَّر عينه. مختار الصحاح. ص ١٤٢ مادة (شزر).