للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَعْيينُ الأُولَيَيْنِ للقِرَاءَةِ، وتَعْدِيلُ الأَرْكَانِ،

===

الشارح ولم يُظْهِر دليل وجوبهما، ولعله المواظبة عليهما من غير تركهما.

(وتَعْيينُ) الركعتين (الأُولَيَيْنِ للقِرَاءَةِ) لأَنه عليه الصلاة والسلام واظب على القراءة فيهما دون غيرهما، ولِمَا رُوِيَ: «أنَّ عمر ترك القراءة في ركعة من صلاة المغرب، فقضاها في الركعة الثالثة، وأنَّ عثمان ترك القراءة في الأُولَيَيْنِ مِنْ صلاةِ العِشَاءِ، فقضاها في الأُخْرَيَيْنِ وجهر». كذا ذكره في «المبسوط».

(وتَعْدِيلُ الأَرْكَانِ) أي تسوية الجوارح في الركوع والسجود حتى تطمئن، وهذا على تخريج الكَرْخِيّ، لأنَّ التعديل شُرِع لتكميل الأركان فيجب كقراءة الفاتحة. وعلى تخريج الجُرْجَانِيّ: هو سنةٌ كتعديل القَوْمَةِ والجَلْسَةِ، وبه قال بعض المالكية. ويؤيّد الأول مواظبته عليه الصلاة والسلام (فعلاً وقولاً، وقد نَزَّل الله الأحكام في كتابه مجملاً، فَبَيَّنه عليه الصلاة والسلام) (١) مفصَّلاً، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «صلّوا كما رأيتموني أُصَلِّي» (٢) وقد ركع، واطمأنّ وأتمَّ القومة والقعدة. فيكون إمّا واجباً، وإمّا فرضاً، كالقعدة الأخيرة المحتج بها بالمواظبة بل أوْلَى لِمَا سيأتي من الأحاديث الواردة.

وقال أبو يوسف، وهو قول مالك والشافعيّ وأحمد: تعديل الركوع والسجود والقيام عنهما والجلوس بين السجدتين فرض، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: «ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ». رواه الشيخان، والترمذي، وأبو داود وغيرهم.

ولهما أنَّ الله تعالى أمر بالركوع: وهو الانحناء، وبالسجود: وهو وضع الجبهة على الأرض، فتَتَعَلَّق الفرضية بهما. وقد روى أبو داود والترمذيّ والنَّسائيّ في آخر حديث المسيء صلاته: «فإذا فعلت هذا فقد تمّت صلاتك، وما انتقصت من هذا فإنما انتقصت من صلاتك». فوصفها بالنقصان عند فقد التعديل، ولو كانت باطلة لوصفها بالزوال والذهاب. وأيضاً لو كان التعديل فرضاً، لَمَا أقرّه عليه الصلاة والسلام إلى آخر الصلاة، ولأمره بالإعادة على الفور لأنَّ المُضِيَّ على الفاسد عبث، وإنما أمره بالإعادة جبراً للنقصان، وزجراً له عن العادة الذميمة، وبهذا نقول. فعن السَّرَخْسِي: مَنْ تَرَكَ الاعتدال تلزمه الإعادة. ومن المشايخ من قال: يلزمه، ويكون الفرض هو الثاني. ولا


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٢) رواه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ١٣/ ٢٣١، كتاب أخبار الآحاد (٩٥)، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد … (١)، رقم (٧٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>