للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وتهليل، لأن التكبير في اللغة: التعظيم، قال تعالى: {ورَبَّكَ فَكَبِّر} (١) أي فَعَظِّم، وقال: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أكْبَرْنَهُ} (٢) أي عَظَّمْنَهُ، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد. وفي «المحيط»: ورُوِيَ عن أبي حنيفة: أنه كرِه الافتتاح إلاَّ بـ: الله أكبر، والأصح أنه لا يُكْرَه، ذكره الشارح. قلت: الأصح أنه بدونه يُكْرَه لأنَّ مواظبة النبيّ صلى الله عليه وسلم تفيد الوجوب، مع الخلاف في صحّة الشروع بغيره. ثم رأيت «الذخيرة» صرّح بأنه يُكْرَه بغير التكبير. وعند أبي يوسف: لا يصحّ الشروع في الصلاة لمن يُحْسِن التكبير إلاّ بـ: ـالله أكبر، أو: الله الأكبر، أو: الله الكبير، أو: الله كبير.

وعند الشافعي: لا يجوز إلا بالأوَّلين (٣) . وعند مالك وأحمد: لا يجوز إلاَّ بالأوّل (٤) ، لأنه المنقول عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو مُبَيِّنٌ لِمَا في الكتاب من التكبير المبهم. وللشافعي: أنَّ: الله الأكبر أبلغ من الله أكبر، لأن تعريف الخبر يفيد حصره في المبتدأ. ولأبي يوسف: أن أفعل التفضيل إذا لم يكن في أصله مشاركة كما في صفات الله سبحانه، لا يكون بمعنى التفضيل نحو: {وهُوَ أَهْوَنُ عليه} (٥) فيكون أكبر في حقّه تعالى بمعنى كبير، ولأبي حنيفة: قوله تعالى: {وذَكَرَ اسْمَ ربِّه فَصَلَّى} (٦) فإنه بإطلاقه يدل على جواز الشروع في الصلاة بكل ذِكْرٍ على سبيل التعظيم: كـ: الله أجلّ، والرحمن أكبر، و: الله أعظم، فإنَّ هذه الألفاظ موضوعة لتعظيم الله عزّ وجلّ فكانت تكبيراً وإنْ لم يُتَلَفَّظْ بِه.

فالثابت بالنص ذِكْر الله على سبيل التعظيم، ولفظ التكبير ثبت بالخبر فيجب العمل، حتى يُكْره افتتاح الصلاة بغيره لمَن يحسنه بناءً على تصحيح صاحب «التحفة»، وهو أولى من تصحيح السَّرَخْسي: عَدَمَها بغيره.

ولو قال عند الشروع: الله، كان شارعاً في الصلاة عند أبي حنيفة خلافاً لأبي يوسف ومحمد، حتى يذكر الخبر: إمّا بلفظ التكبير عند أبي يوسف، أو بنحو: أجلَّ، وأعظم، وكريم، ورحيم عند محمد. وعند أبي حنيفة: يُكْتَفَى بالخبر، أو المبتدأ المقدر


(١) سورة المدّثر، الآية: (٣).
(٢) سورة يوسف، الآية: (٣١).
(٣) أي اللفظين الأوّلين: الله أكبر، أو الله الأَكبر.
(٤) أي: الله أكبر.
(٥) سورة الروم، الآية: (١٢٧.
(٦) سورة الأعلى، الآية: (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>