للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا مَشُوبٍ بِدُعَاءٍ، ولَوْ بالفَارِسِيَّةِ، لا القِرَاءَةُ بِهَا إلّا بِعُذْرٍ، ويهِ يُفْتَى.

===

فقوله: الله، أيْ هو الله، أو أنت الله، أو الله ربنا، أو حسبنا.

وإذا كبَّر المأموم مقارناً لتكبير الإمام، يصير مُدْرِكاً فضيلة تكبيرة الافتتاح، وعندهما إذا أدرك الإمام في الثناء. وقال بعضهم: إذا أدرك الإمام في الركعة الأولى يصير مدركاً فضيلة تكبيرة الافتتاح.

(لا مَشُوبٍ) أي لا مخلوط (بِدُعَاءٍ) فلا يصح الافتتاح باللهم اغفر لي ونحوه، لأنه قصد السؤال به دون التعظيم، ولو قال: اللهم، قيل: يجزيه وهو الأصح، كذا في «المحيط»، لأن معناه: يا الله، والميم المشددة خَلَف عن حرف النداء. وقيل: لا يجزيه، لأن معناه يا الله أمِّنَّا بخير، فيكون مشوباً بالدعاء. (ولَوْ) كان ما دل على التعظيم (بالفَارِسِيَّةِ) وهذا عند أبي حنيفة، لإطلاق قوله تعالى: {وذَكَرَ اسْمَ رَبِّه فَصَلَّى} ولأن مَنْ آمَنَ بلغة غير عربية، أو لبَّى في الحج، أو سَمَّى عند الذبح بها يجزيه، لحصول المقصود فكذا هذا. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يكون شارعاً بغير العربية إذا كان يُحْسِنُ العربية، لأن اللغة العربية لها من المزية ما ليس لغيرها، وعلى هذاالخلاف الخُطْبَةُ والقنوت والتشهد، لا الأذان، فإنه يعتبر فيه التعارف.

(لا القِرَاءَةُ بِهَا) أي لا يُجْزاء القراءة في الصلاة بالفارسية (إلاّ بِعُذْرٍ) بأن كان لا يُحْسِنُ العربية، بشرط أنْ لا يُخِلَّ بالمعنى عما يستفاد من المبنى. (وبِهِ يُفْتَى) وهو قولهما وقول أبي حنيفة الذي رجع إليه، كما ذكر أبو بَكْر الرَّازي.

وجه قوله الأول: قوله تعالى: {وإنَّه لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ} (١) ، وقوله تعالى: {إنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى} (٢) ولم يكن فيها هذا النظم بل معناه.

ووجه قولهما: أنّ المأمور به قراءة القرآن وهو اسم لهذا النظم العربي الدال على المعنى المكتوب في المصاحف، المنقول إلينا نقلاً متواتراً. وقال الله تعالى: {إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيَّاً} (٣) ، وقال: {قرآناً عربياً غَيْرَ ذِي عِوَج} (٤) ، {ولوْ جَعَلْنَاه قرآناً أَعجمياً لقالوا لولا فُصِّلت آياتُهُ} (٥) . على أنه يحتمل أنْ يكون الضمير في: «إنَّه» (٦)


(١) سورة الشعراء، الآية: (١٩٦).
(٢) سورة الأَعلى، الآية: (١٨).
(٣) سورة الزخرف، الآية: (٣).
(٤) سورة الزمر، الآية: (٢٨).
(٥) سورة فصلت، الآية: (٤٤).
(٦) الوارد في الآية: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>