للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

«فوافق قوله قول أهل السماء». وفي رواية: قالت الملائكة في السماء، ولا منع من الجمع.

وفي آمين لغتان: المد، وهو الأشهر، ومنه قول بعضهم: ويرحم الله عبداً قال آميناً. أو القصر، ومنه قول الشَّاطِبِيّ:

* أَمِينَ وأمناً للأَمينِ بِسِرِّها ** وإن عَثَرَتْ فَهُوَ الأَمُونُ تحمُّلاً

وهو اسم فعل ومعناه: استجب، عند أكثر أهل العلم. وقيل معناه: كذلك فليكن. وقال الترمذي: معناه لا تُخَيِّب رجاءنا. قال الجَوْهَرِيّ: وهو مبني على الفتح كأين، وتشديد الميم خطأ، قيل: تفسد الصلاة، وقيل: لا تفسدها، لأن نظير لفظه موجود في القرآن، وهو قوله تعالى: {ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرَامَ} (١) وقد حكى القُشَيْري: التشديد عن الحسن، وجعفر الصادق، فيكون مِنْ أمَّ إذا قصد. فالتقدير: دعوناك قاصدين، فلا تردَّنا خائبين.

واستدل الشافعي في جهر آمين، بما في سنن أبي داود والترمذي عن سفيان، عن سَلَمة بن كُهَيْل، عن حُجْر بن العَنْبَس، عن وائل بن حُجْر، واللفظ لأبي داود قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: {ولا الضَّالَين}، قال: آمين ورفع بها صوته». ولفظ الترمذي: «ومدَّ بها صوته»، وقال حديثٌ حسنٌ. قلنا رواه شُعْبَة عن سَلَمة بن كُهَيْل، عن حُجْر بن العنبس، عن عَلْقَمَة بن وَائِلٍ، عن أبيه، وقال فيه: «وخفض بها صوته». إلاَّ أنَّ أبا زُرْعَةَ والبخاري جعلا حديث سفيان أصح من حديث شُعْبَة. والبَيْهَقِيّ روى عنه موافقةً لسفيان: «يرفع الصوت بها».

لكن روى الطَّحاوي في «آثاره» عن أبي وائل قال: «كان عمر وعليّ لا يجهران ببسم الله الرحمن الرحيم، ولا بالتعوذ، ولا بآمين». وروى عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفه»: أخبرنا مَعْمَر، عن حَمَّاد، عن إبراهيم النَّخَعِي قال: «أربع يُخْفِيهن الإمام: التَّعوُّذ، وبسم الله الرحمن الرحيم، واللهم ربّنا لك الحمد، وآمين». ثم قال: أخبرنا الثَّورِي، عن مَنْصُور، عن إبراهيم قال: «خمس يُخْفِيهن الإمام … فذكرها وزاد: سبحانك اللهم وبحمدك». فهذا يدل على أن الجهر بها في بعض الأحيان كان للتعليم فعلاً كما ورد: وكان يُسْمِعُنا الآية أحياناً، لا ليكون سنةً مستمرة، وإلاَّ لما تركه عمر وعليّ ولما ساغ لإبراهيم النَّخَعِي الحكم بخلافه من عنده.


(١) سورة المائدة، الآية: (٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>