للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ يَقْرَأُ الفَاِتحَةَ وَيُؤَمِّنُ سِرًّا كالمَأْمُومِ،

===

«مختصر ابن خُزَيْمَةَ»: «فكانوا يُسِرُّون ببسم الله الرحمن الرحيم». ورجال هذه الروايات كلهم ثقات مخرَّج لهم في «الصحيحين» (١) .

ومنها قول ابن عبد الله بن مُغَفَّل (٢) : «وسمعني أبي وأنا اقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم ـ أي جهراً ـ فقال: أي بُنَيَّ، إياك والحَدَثَ، قال: ولم أر أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبغض إليه الحدث في الإسلام ـ يعني منه ـ فإني صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يقولها، فلا تقلها أنت، وإذا صليت فقل: الحمد لله رب العالمين». رواه الطحاوي وابن ماجه والنَّسائي والترمذي، وقال: حديث حسنٌ. والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم منهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين رضي الله عنهم، وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق، والثَّوْرِيّ، والحسن، والأَوْزَاعِيّ، والشعْبِيّ، والنَّخَعِي.

هذا، وقد قال الشافعيّ: البسملة من الفاتحة قولاً واحداً، وكذا من غيرها على الصحيح. وعندنا: هي آية أنْزِلت للفصل بين السُّور، ليست من الفاتحة، ولا من كل سورة. لِمَا رُوِيَ عن ابن عباس: «أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف فصل السورة حتى نزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم». رواه أبو داود والحاكم في «مستدركه».

(ثُمَّ يَقْرَأُ الفَاتِحَةَ) أي وجوباً (وَيُؤَمِّنُ) أي يقول آمين حال كونه منفرداً أو إماماً، استحباباً (سِرّاً كالمَأْمُومِ) أي كما يُؤَمِّن المأموم سرّاً كما سبق. وإنما يُؤَمّن المصلي لما روى الشيخان عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين، فوافقت إحداهما الأخرى، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه». ولفظ «أحدكم» يندرج فيه الإمام والمنفرد والمأموم.

ولما روى مالك، والجماعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أمَّنَ الإمام فأَمِّنُوا، فإنه من وافق تأمينُه تأمين الملائكة غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه». قال النووي في «شرح مسلم»: والصحيح الصواب أن المراد: الموافقة في وقت التأمين، أي لا في الكيفية من خلو الرياء والسمعة، كما قال به ابن حِبّان. ولا يبعد أنْ يُرَاد به الأعمّ والله تعالى أعلم. وقيل الملائكة: هم الحفظة، وقيل غيرهم، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر:


(١) في المطبوع: الصحيح. والمثبت من المخطوط.
(٢) في المخطوط عبد الله بن مُغَفَّل، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموافقته لما في "شرح معاني الآثار" ١/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>