للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

انتهى.

وفي رواية أحمد وأبي داود والدَّارَقُطْنيّ عن أبي وَائِل أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: «آمين وخفض بها صوته». وفي البسملة وآمين خلاف الشافعي. وقال بالإسرار بالتسمية مع الفاتحة الثَّوْرِيُّ وأحمد وأبو عُبيد. ورُوِي ذلك عن عمر وعليّ وابن مسعود وعَمَّار وابن الزُّبَيْر رضي الله عنهم. وعن سعيد بن جُبَيْر أنه قال: «كان المشركون يحضرون المسجد وإذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: هذا محمد يذكر رحمن اليَمَامة ـ يعنون مُسَيْلَمَة الكذَّاب ـ فَأَمر أن يخافت ببسم الله الرحمن الرحيم، ونزلت: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ولَا تُخَافِتْ بِهَا} (١) رواه أبو داود. وفي رواية: «فخفض النبي صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم». فهذا يدل على نسخ الجهر بها. قال الترمذي الحكيم: فَبَقِيَ ذلك إلى يومنا هذا وإن زالت العلة، كما بقي الرَّمَل (٢) في الطواف، والمخافتة في صلاة النهار وإن زالت العلة. انتهى.

فمعنى الآية: ولا تجهر ببعض قراءتك وهي البسملة ولا تخافت بغيرها. وهو معنى غريب في الآية. والمشهور فيها: لا تجهر بقراءتك في النهار، ولا تخافت بها في الليل، أو لا تبالغ في الجهر بها حال التهجد، ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً.

ومن الأدلة على إسرار البسملة: قول أنس «صلّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان رَضِيَ الله عنهم، فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم». وفي لفظ مسلم: «فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها». وفي روايةٍ لمسلم: «فلم أسمع أحداً منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم». ورواه النّسائي والدَّارَقُطْنِي في «سننهما»، وأحمد في «مسنده»، وابن حِبَّان في «صحيحه». وقالوا: «فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم». وزاد ابن حِبَّان: «ويجهرون بالحمد لله رب العالمين».

وفي مسند أبي يَعْلَى المَوْصِلي: «فكانوا يفتتحون القراءة فيما يجهر به بالحمد لله رب العالمين». وفي «آثار الطَّحَاوِيّ»، «ومعجم الطَبَرَانِيّ»، «وحِلْيَة أبي نُعَيْم»،

و


(١) سورة الإسراء، الآية: (١١٠).
(٢) الرَّمَل: الإسراع في المشي، وهَزُّ المنكبين. النهاية: ٢/ ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>