للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والرَّكْعَةُ الثَّانِيَة كَالأُولَى، لكن لا ثَنَاء، ولا تَعَوُّذَ، ولا رَفْعَ يَدٍ فِيهَا.

===

في الصلاة». رواه أبو داود وفي رواية: «أن يَجْلِسَ الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده». وفي أخرى: أنْ يصلي الرجل وهو معتمد على يده. وقد أخذ بظاهره الإمام مالك في الإرسال موضع الوضع. وقال الطحاوي: ولا بأس بالاعتماد على الأرض. وقال الشافعيّ: يَجْلِسُ جَلْسَة خفيفة. لِمَا روى البخاري عن مَالِكِ بن الحُوَيْرِث: «أنه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا كان في وِتْر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً».

ولنا ما رواه التِّرْمِذيّ عن أبي هريرة: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يَنْهَضُ في الصلاة على صدور قدميه». قال التِّرْمِذِيّ: حديث أبي هريرة هذا عليه العمل عند أهل العلم. ورَوَى ابن أبي شَيْبَة، عن النُّعْمان بن أبي عيَّاش قال: «أدْرَكْتُ غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع أحدهم رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى والثالثة، نهض كما هو ولم يَجْلِس». وروى أيضاً عن عمر، وعليّ، وابن مسعود، وابن الزُّبَيْر رضي الله عنهم: «أنهم كانوا يَنْهَضُون في الصلاة على صدور أقدامهم». وأما ما رواه مَالِكُ بن الحُوَيْرث: فكان حال كِبَرِهِ صلى الله عليه وسلم أو فَعَله أحياناً لبيان الجواز. وفي «الظهيرية»: قال شمس الأئمة الحَلْوانيّ: الخلاف إنما هو في الأفضلية، حتى لو فعل كما هو مذهبنا، لا بأس به عند الشافعيّ، ولو فعل كما هو مذهبه لا بأس به عندنا.

(والرَّكْعَةُ الثَّانِيَة كَالأُولَى) أي في جميع أحوالها، وأقوالها (لكن لا ثَنَاء) فيها لأنه شُرِعَ أول الصلاة (ولا تَعَوُّذَ) لأنه شُرِعَ أول القراءة. وإنما يُعَاد إذا فُصِلَ بفعل، أو قول أجنبيّ عنها. (ولا رَفْعَ يَدٍ فِيهَا) أي في أول الركعة الثانية، بل ولا في غير حالة التحريمة. لما روى محمد في «مُوَطَّئهِ»: عن ابن أَبَان، عن إبراهيم النَّخَعِيّ: أنه قال: «لا تَرْفَع يَدَيْك في شيء من الصلاة بعد التكبيرة الأولى». وروى مسلم في «صحيحه» عن تَمِيم بن طَرَفَة، عن جابر بن سَمُرَة قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شُمْسٍ؟ اسكنوا في الصلاة». وشُمْس (١) : ـ بضم المعجمة وسكون الميم ـ، جمع شَمُوس ـ بفتحها وضم الميم ـ أي: صعب. كذا ذكر بعض الشراح.

واعترض البخاريّ في كتابه «رفع اليدين»: بأنَّ هذا الرفع كان في التشهد، لأنَّ عبد الله بن القِبْطِيّة قال: سمعت جابر بن سَمُرَة يقول: «كنّا إذا صلّينا خلف النبيّ صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم، السلام عليكم، وأشار بيده إلى الجانبين. فقال: ما بال هؤلاء يُومِئُونَ بأيديهم كأنها أذناب خيل شُمْس. إنما يكفي أحدكم أنْ يضع يده على فَخِذه،


(١) مرّ شرحها ص ٢٥٨، تعليق رقم (٢)، بأوضح من هذا، فانظره.

<<  <  ج: ص:  >  >>