في الصلاة يقول: اللهم إني أعوذ بك من المَأْثَم والمَغْرَم» (١) . متّفق عليه. ومنها قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله عَلِّمْنِي دعاء أدعو به في صلاتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يَغْفِرُ الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارْحَمْنِي إنك أنت الغفور الرحيم». متّفقٌ عليه.
ومنها قول عليّ:«كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبَّر، ثم قال: وَجَّهتُ وَجْهِيَ، إلى أن قال: ثم يكون آخر ما يقول بين التَّشَهُّد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قَدَّمْتُ وما أَخَّرْتُ، وما أَسْرَرْتُ وما أَعْلَنْتُ، وما أَسْرَفْتُ وما أنت أعلم به مني، أنت المُقَدِّمُ، وأنت المُؤَخِّرُ، لا إله إلا أنت». رواه مسلم. ومنها قول مُعَاذ:«أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأُحِبُّك يا مُعَاذ، فقلت: وأنا أُحبك يا رسول الله. قال: فلا تَدَعْ أنْ تقول في كل صلاة: رَبِّ أعِنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك». رواه أبو داود والنَّسائي.
والحاصل: أنه يدعو عندنا وعند مالك بما يَسْتَحِيل طلبه من الناس خاصة، كسؤال الرحمة والمغفرة والعافية، والتَّعوُّذ من الفتنة والمحنة. وأطلقه الشافعي، وكذا مالك في رواية لقوله صلى الله عليه وسلم «ثم لِيَتَخَيَّر أحدكم من الدعاء أعْجَبَه إليه فيدعو به». رواه التِّرْمِذِيّ وابن ماجه في حديث التشهد. قلنا: يعارضه حديث: «إنَّ صلاتنا هذه لا يَصْلُحُ فيها شيء من كلام الناس». وما لا يستحيل سؤاله منهم فهو كلامهم ويُقَدَّم عليه لأنه مانع، وذلك مبيح.
(ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ بِنِيَّة مَنْ ثَمَّة مِنَ البَشَرِ والمَلَكِ) وتنقطع التحريمة بتسليمة واحدة. فقيل الثانية: سنة، والأصح أنها واجبة. (ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ) أي بنية من هناك. لأن المُصَلِّي لَمَّا اشْتَغَلَ بالمناجاة فكان كالغائب عمن معه فيسلم عليه عند فراغه. وقال مالك: يُسَلِّمُ الإمام والمنفرد بتسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن. وهو مَرْوِي عن ابن عمر وعائشة.
ولنا ما رَوَى أصحاب «السنن الأربعة» عن ابن مسعود، وصححه التِّرْمِذِيّ:«أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُسَلِّمُ عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله حتى يُرَى بياض خده الأيمن. وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله حتى يُرَى بياض خده الأيسر».
(١) المَغْرم: هو مصدر وُضِعَ موضع الاسم، ويُرِيدُ به مَغْرم الذُّنوب والمَعَاصِي. رقيل المَغْرَم كالغُرْم، وهو الدين، ويُرِيد به ما اسْتُدين فيما يكْرَهه الله، أو فيما يجوز ثم عَجِزَ عن أدائه. النهاية: ٣/ ٣٦٣.