للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا غَيْرَ.

===

عن زيد بن أَسْلَم قال: «عَرَّسَ (١) رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً بطريق مكة، فذكر نومهم وقيامهم وصلاتهم. وأنه صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيُّها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء ردها. فإذا رَقَد أحدكم عن الصلاة أو نَسِيَها، ثم فَزِعَ (٢) عليها فَلْيُصَلِّها كما كان يُصَلِّيها في وقتها». ورَوَى محمد بن الحَسَنِ في كتابه «الآثار» عن أبي حنيفة، عن حَمَّاد، عن إبراهيم النَّخَعِي قال: «عَرَّسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يَحْرُسُنا الليلة؟ فقال رجل شاب من الأنصار: أنا يا رسول الله أحْرُسُكُم فَحَرَسَهُم، حتى إذا كانوا في الصبح غَلَبَتْهُ عينه فما استيقظوا إلا بحَرِّ الشمس، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ وتَوَضَّأَ أصحابه. وأمر المُؤَذِنَ فأَذَّن، وصَلَّى ركعتين، ثُمَّ أُقِيمَت الصلاة فصلّى الفجر بأصحابه، وَجَهَرَ فيها بالقراءة كما كان يصلي بها في وقتها». وروى مسلم عن أبي قَتَادَة في قصة نومهم من صلاة الفجر قال: «ثم أذَّنَ بلال بالصلاة فصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلّى الغُدْوَة (٣) ، فصنع كما كان يصنع كل يوم».

(لا غَيْرَ) أي لا يَجْهَرُ الإمام في الظهر والعصر وثالثة المغرب وأُخْرَيَي العشاء. لما رَوَى البخاري من حديث مَعْمَر قال: «قلنا لخَبَّاب بن الأَرَتّ: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا: بمَ كنتم تعرفون ذلك؟ قال: باضطراب لحيته». وتقدم أنه كان يُسْمِعُنا الآية والآيتين أحياناً. ورَوَى عبد الرَّزَّاقِ في «مصنفه» عن مُجَاهِد وأبي عُبَيْدَة: أنهما قالا: «صلاة النَّهار عَجْماء». أي: لا قراءة مسموعة فيها. قال صاحب «الهداية» ويُخْفِيها الإمام في الظهر والعصر وإن كان بعَرَفة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «صلاة النهار عجماء». واخْتُلِفَ في رفعه ووقفه على ابن عباس.

قال النوَوِي: عن أبي هريرة رَفَعَهُ «مَنْ جهر بالقراءة في صلاة النهار فارْمُوه بالبَعْر». ويقول: «إنَّ صلاة النهار عَجْمَاء». ثم قال: إنه باطل لا أصل له. لكن روى ابن شاهين عن أبي هريرة قال: «إذا رأيتم من يجهر بالصلاة في صلاة النهار فارموه بالبَعْر». وذكر ابن أبي شَيْبَة، عن يَحْيَى بن أبي كَثِير: «قالوا: يا رسول الله إنّ ههنا قوماً يَجْهَرُون بالقراءة في النهار فقال: ارْمُوهم بالبَعْرِ». ورُوِيَ عن عمر رضي الله عنه: أنَّ رجلاً جهر بالقراءة نهاراً فدعاه فقال: «إنّ صلاة النهار لا يُجْهَرُ فيها بالقراءة فأسِرَّ قراءتك». رواه ابن أبي شَيْبَة. وقال صاحب «الهداية»: وفي عَرَفة خلاف مالك، وهذا غير معروف عند


(١) سبق شرحها ص ٢٣٦، التعليقة رقم (٣).
(٢) فَزِعَ: أي هَبَّ وانْتَبه. النهاية: (٣/ ٤٤٤).
(٣) الغُدْوَة: تقدم شرحها ص: ١٩٣، التعليقة رقم (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>