وكَذَا في كُلِّ ما يَتَعَلَّقُ بالنُّطْقِ، كالطَّلاقِ، والعَتَاقِ، والاستِثْنَاءِ وغَيرِهَا.
===
أصحابه.
(والمُنْفَرِدُ خُيِّرَ إن أَدَّى) أي ما يجهر الإمام فيه لا فيما يُخَافِتُ فيه أيضاً، كما يوهم إطلاق المتن. وإنَّما يُسِرُّ لأَنه غير محتاج إلى إسماع غيره، بخلاف الإمام. ومع هذا الجهرُ أفضل ليكون على هيئة الجماعة. (وَخَافَتَ حتْماً) أي وُجوباً (إنْ قَضَى) ما يجهر الإمام. وفي «الهداية»: هو الصحيح: لأن الجهر يَخْتَصُّ إما بالجماعة حتماً، أو بالمنفرد في الوقت تَخْيِيراً، ولم يوجد أحدهما. واختار شمس الأئمة، وفخر الإسلام، وجماعة من المتأخرين: أنّ حُكْمَ المنفرد إنْ قَضَى كحكمه إنْ أدَّى في التخييرِ وأفضليةِ الجهر، لأن القضاء يكون على وَفْق الأداء. قال قاضيخان: وهو الصحيح. وقال صاحب «الذَّخِيرَة»: وهو الأصح. وأُجِيبَ عن استدلال صاحب «الهداية»: بمنع الحصر لجواز أنْ يكون للجهر تخيير بسبب آخر، وهو موافقة الأداء.
(وأدْنَى الجَهْرِ) عند أبي جعفر الهِنْدُوَاني وأبي بكر محمد بن الفضل (١)(إسْمَاعُ غَيْرِهِ) أي إسماعه مُغَايِراً واحداً وهو الذي يكون بقربه فَرْضاً، لِيَصِحَّ قوله: أدنى، فأقصى الجهر ما يتجاوزه. (وأدْنَى المُخَافَتَةِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ) أي فقط عندهما أيضاً. وعلى هذا يكون أقْصَى المُخَافَتَة إسماع غيره. فرجع حاصله إلى أَدْنَى الجهر. ولهذا لم يُذْكَر في «الهداية» لفظ أدْنَى في المَوْضِعَيْنِ، ولا يَبْعُد أن يقال: المراد بأدناهما: أدنى ما يُطْلَقُ عليهما، ولا مفهوم له في جانب المُخَافَتَة.
(هُوَ الصَّحِيحُ) لأن حركة اللسان بدون الصوت، لا تُسَمَّى قراءة لا لغةً ولا عُرْفاً. وقال الكَرْخِيّ: أدنى الجهر أنْ يُسْمِعَ نفسه، وأدنى المخافتة أنْ يُصَحِّحَ الحروف، لأن القراءة فعل اللسان، وذلك بإقامة الحروف لا بالسماع لأنه فعل الأُذُنِ. وفيه أنَّ الحرف صوت يَعْتَمِدُ على مَخْرجٍ محقَّقٍ أو مُقَدَّرٍ، فلا يتحقق بدونِ السمع، وغيره يكون خاطراً وخيالاً.
(وكَذَا) الخلاف (في كُلِّ ما يَتَعَلَّقُ بالنُّطْقِ كالطَّلَاقِ والعَتَاقِ والاسْتِثْنَاءِ وغَيْرِهَا) كالشرط في الطلاق والعتاق، والتسمية للذبيحة، والتلاوة للسجدة، والإيجاب والقبول
(١) حرفت في المخطوطة إلى: " أبو محمد بن الفضل"، والصواب ما أثبتناه. انظر ترجمته في "الجواهر المضية" ٣/ ٣٥٠.