للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفي «الأصل»: القراءة خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها هل يكره؟ اختلف فيه المشايخ: فبعضهم قالوا: لا يُكْرَه، أي عند الأئمة الثلاثة. وإليه مال الإمام أبو حَفْصٍ. وبعض مشايخنا قالوا: على قول محمد لا يُكْرَه. وعند أبي حنيفة وأبي يُوسُفَ يُكْره، كذا في «الخُلَاصة». فوجه عدم الكراهة الاحتياط لعموم الآية والأحاديث المُطْلَقة واختلاف الأئمة. حتى قال الشافعي ببطلان صلاة المُقْتَدِي إنْ لم يقرأ الفاتحة مُطْلَقاً. وقال مالك: بوجوب القراءة عليه في السِّرِّيَةِ. فدل على أنَّ المراد بالقراءة: قراءة الفاتحة. وبه يبطل قول من قال: إنّ القراءة عند عدة من الصحابة تُفْسِد الصلاة. والمعتمد أنَّ منع المُقْتدي عن القراءة مأثور عن ثمانين نفراً من أكابر الصحابة، لكن القول بالفساد فاسد. ومحمول على ما عدا الفاتحة، أو على الجهر المُشَوِّشِ للإمام وغيره.

ووجه الكراهة ما روى محمد في «مُوَطئه» عن سعد بن أبي وَقاص قال: وددت أنَّ الذي يقرأ خلف الإمام في فِيهِ جَمْرة. ورواه عبد الرَّزَّاق في «مصنفه». إلاَّ أنه قال: «في فِيه حَجَر». وفيه أنه يمكن حمله على الجهرية، بل يتعين لأن مذهب محمد جوازه في السِّرِّية. وروى محمد أيضاً عن نافع، عن ابن عمر «أنه كان إذا سُئِلَ: هل يقرأ أحد مع الإمام؟ قال: إذا صلّى أحدكم مع الإمام فحسبه قراءة الإمام»، وكان ابن عمر لا يقرأ خلف الإمام. وروى سُفْيَان الثَّوْرِيّ، وشُعْبَة، وإسرائيل بن يُونس، وشَرِيْك، وأبو الأَحْوَص، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وجَرِير بن عبد الحَمِيد، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شَدَّاد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم (مرسلاً) (١) : «من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة». ورواه أحمد في «مسنده» عن أبي الزُّبَيْر، عن جابر مرفوعاً.

والحاصل: أن المذهب عندنا اكتفاؤه بقراءة إمامه وكراهة قراءته. أما الاكتفاء فلقوله صلى الله عليه وسلم «من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة». رواه ابن ماجه في «سننه» إلاَّ أنَّ في سنده جابراً الجُعْفِي، وقد رُوِيَ عن أبي حنيفة أنه قال: ما رأيت أكذب من جابر الجُعْفِي. ورواه محمد بن الحسن في «مُوَطَّئه»: أخبرنا أبو حنيفة: حَدَّثنا أبو الحَسَن مُوسَى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شَدَّاد، عن جابر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من صلّى خلف الإمام، فإن قراءة الإمام له قراءة».

وروى الدَّارَقُطْنِيّ عن أبي حنيفة، مقروناً بالحسن بن عُمَارة بالإسناد المذكور.


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>