للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

سنّة نبيكم. ولو تركتم سنّة نبيكم، لَضَلَلْتُم، (وما من رجل يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثم يَعْمِدُ إلى مسجد من هذه المساجد، إلاَّ كتب الله له بكل خَطْوَة حَسَنَةً، ويرفعه بها درجة، ويحط بها عنه سيئة) (١) . ولقد رَأَيْتُنَا وما يتخلَّف عنها إلاّ منافق، معلوم النِّفَاق. ولقد كان الرجل يُؤْتَى به يُهَادَى بين الرَّجُلَين حتى يُقَام في الصف». رواه مسلم، وأبو داود، والنَّسائي موقوفاً. ورفعه صاحب «الهداية»، وهو وَهَمٌ منه.

ومما يؤكد كونها سُنَّة ما ورد في الأحاديث في فضيلة ثواب الجماعة على الفَذِّ (٢) ، كقوله صلى الله عليه وسلم «صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزأً». رواه الشيخان. وفي رواية: «درجة». وفي أُخْرى: «ضِعْفاً». وكقوله صلى الله عليه وسلم «صلاة الرجل مع الرجل أزْكَى من صلاته وحده. وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع رجل، وما زاد، فهو أحب إلى الله تعالى». رواه أبو داود، والتِّرْمِذِيّ، وابن ماجه من حديث أُبَيّ بن كَعْب.

وقيل: إنها واجبة، واختاره جماعة من المشايخ. ففي «الغاية»: قال عامة مشايخنا: إنَّ الجماعة واجبة. وفي «التُحْفَة»: ذكر محمد في غير رواية الأصول: أن الجماعة واجبة. وقد سَمَّاها بعض أصحابنا سُنَّةً مؤكَّدة، وَهُمَا في المعنى سواء. وكأنَّه أراد بالسُّنَّة المؤكّدة كونَها قريبةً من الفرض. ومما يدل عليه: قوله صلى الله عليه وسلم «لقد هَمَمْتُ أنْ آمر بالمُؤَذِّن فيُؤَذِّن، ثم آمر رجلاً فيُصَلِّي بالناس، ثم أَنْطَلِق برجال معهم حِزَم الحطب إلى قوم يَتَخَلَّفُون عن الصلاة، فأُحَرِّقُ عليهم بيوتهم بالنار». رواه الشيخان. وليس المراد ترك الصلاة رأساً (٣) ، بدليل قوله في رواية أخرى: «ثم آتي قوماً يُصَلُّون في بيوتهم ليست بهم عِلَّة، فأُحَرِّقُ عليهم».

وبهذا استدل من قال بأنها فرض عين، وهو أحمد، وداوُد، وعَطَاء بن أبي رَبَاح، وأبو ثَوْر. وبقوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ سَمِعَ النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلاّ من عذر». رواه ابن ماجه، والحاكم، وقال: على شرطهما. ولقوله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لجار المسجد إلاَّ في المسجد». رواه أبو داود، وصَحَّحَه عبد الحق.


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إِثباته لموافقته لرواية مسلم ١/ ٤٥٣، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (٥)، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى (٤٤)، رقم (٢٥٧ - ٦٥٤).
(٢) الفَذُّ: الواحد. النهاية: ٣/ ٤٢٢.
(٣) أي تركها كليًّا وعدم أدائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>