للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأَوْلَى بالإمَامَةِ: الأَعْلَمُ بالسُّنَّةِ،

===

قلنا: هَمَّ ولم يفعل، فكان تهديداً لإظهار الشعائر، لا لكونها فرضاً. ومعنى لا صلاة له: أي كاملة. كما قال: «لا صلاة للعبد الآبق، ولا للمرأة الناشزة (١) ».

وقيل: إنها فرض كفاية. وهو قول الكَرْخِيّ، والطَّحَاوِيّ، وأكثر أصحاب الشافعي لعين ما اسْتُدِلَّ به لفرض العين. إلاَّ أنَّ المقصود من الافتراض إظهار الشعائر، وهو يحصل بفعل البعض، وهو ضعيف. إذ لا شك في أنها كانت تقام على عهده صلى الله عليه وسلم في مسجده، ومع ذلك قال في المُتَخَلِّفِين ما قال، وهَمَّ بتَحْرِيقهم، ولم يَصْدُر عنه مثله فيمن يَتَخَلَّف عن فروض الكفاية. وفي «القِنْيَة»: تارك الجماعة من غير عذر، يجب تعزيره ويأثم الجيران بالسكوت عنه. وفي «الغاية»: العذر: لُحُوق الحَرَج في حضورها. قال شمس الأئمة: والوحل عذر.

قال نجم الأئمة: رجل يشتغل بتكرار الفقه ليلاً ونهاراً ولا يَحْضرُ الجماعة، لا يُعْذَر ولا تُقْبَل شهادته. وقال أيضاً: رجل اشتغل بتكرار اللغة، فتفوته الجماعة، لا يُعْذَر بخلاف تكرار الفقه. قيل: جوابه الأول فيمن واظب ترك الجماعة تهاوناً. والثاني فيمن لا يواظب على تركها. وفي «المحيط»: أقل الجماعة اثنان، وهو أن يكون واحد مع الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم «الاثنان فما فوقهما جماعة» (٢) . بخلاف الجمعة لِمَا سيأتي في بابها. وكذا إن كانت معه امرأة أو صبي يعقل، كانت جماعة لأنهما من أهل الصلاة.

(والأوْلَى بالإمَامَةِ: الأَعْلَمُ بالسُّنَّةِ) أي بالأحكام الشرعية العملية المتعلقة بالصلاة: من شروطها، وأركانها، وسننها، وآدابها، إذا كان يُحْسِنُ من القراءة ما تجوز به الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم «يَؤُمُّ القومَ أقدُمُهم هِجْرَةً، فإن كانوا في الهجرة سواء، فَأَفْقَهُهُمْ في الدين، فإن كانوا في الفِقْه سواء، فأَقْرَؤُهم للقرآن، ولا يُؤَمُّ الرجل في سلطانه». الحديث رواه الحاكم، وسكت عنه إلاَّ أنه معلول بالحجَّاج بن أَرْطَأَة من رواية، ولقوله صلى الله عليه وسلم «مُرُوا أبا بكر ـ رَضِيَ الله عنه ـ فَلْيُصَلِّ بالناس» (٣) . مع ما روى البخاري من حديث أنس: «أن الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من


(١) الناشزة: نشزت المرأَة: اسْتَعْصَت على بعلها وأَبْغَضَتْه. مختار الصحاح ص: ٢٧٥، مادة (نشز).
(٢) أخرجه ابن ماجه في سننه ١/ ٣١٢، كتاب إقامة الصلاة (٥)، باب الاثنان جماعة (٤٤)، رقم (٩٧٢).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٢/ ٢٠٦ كتاب الأذان (١٠)، باب إذا بكى الإمام في الصلاة (٧٠)، رقم (٧١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>