الرجال في المساجد. وفي «الغاية»: كان شيخنا الصَدْرُ سُلَيْمَانَ يرويه: «الخمر أمّ الخبائث، والنساء حبائل الشيطان، فأخِّرُوهنَّ من حيث أخَّرَهُنَّ الله». ويَعْزُوه إلى «مسند رَزِين». قال القاضي أبو زَيْد: حيث اسم مكان، ولا مكان يجب على الرجل تأخيرها عنه إلا مكان الصلاة، فلا يجوز الاقتداء بها.
وأمَّا إمامة الصَّبيِّ فقال بعضهم: يجوز اقتداء البالغ بالصَّبيّ في التَّراويح والنوافل المطلقة، لأن كُلاًّ منهما نفل في ذاته. واللزوم بعارض الشروع لا يُخرجه عن أصل وضعه. والمختار: عدم الجواز. لأن نفل البالغ مضمون ويجب قضاؤه بإفساده، ونفل الصَّبيّ غير مضمون، لا يجب قضاؤه بإفساده، فكان نفل البالغ أقوى من نفل الصبيّ. ولو اقتدى صبيّ بصبيّ جاز لأن الصلاة مُتَّحِدَة.
(وطَاهِرٌ) أي ولا يقتدي طاهر، والمُرَاد به: من لا عذر له (بِمَعْذُورٍ) أيْ بمن له عذر من سَلَس البول ونحوه، لأن المعذور يُصَلّي مع الحدث حقيقة، وإنما جُعِلَ حدثه في حكم العدم للحاجة إلى الأداء، فكان أضعفَ حالاً من الطاهر. وكذا لو زال عُذْر المعذور في أثناء الصلاة لا يَبْنِي عليها، لأنها بناء القويّ على الضعيف. وفي المسألة خلاف الشافعيّ وزُفَر. ولو اقتدى معذور بمعذور: إن اتَّحَدَ عذرهما جاز، وإن اختلف لا يجوز.
(و) لا (قَارِاءٌ بأُمِّيَ) وهو: من لا يُحْسِن آية، لقوة حال القاراء. وكذا أُمِّيّ بأخرس، لقدرة الأُمِّيّ على التحريمة، بخلافه. واللفظ فوق الإيماء. (ولَابِسٌ بَعَارٍ وَغَيْرُ مُومٍ بِمُومٍ) بحذف الهمزة تخفيفاً كما في اطْفِ سراجك، وإنما لا يجوز اقتداؤهما، لقوة حالهما على حال العاري والمومي.
(ولا مُفْتَرِضٌ بِمُتَنَفِّلٍ) وبه قال مالك، وأحمد. وأجاز الشافعيّ اقتداءه به، لِمَا في الصحيحين من حديث جابر:«أن معاذاً كان يُصَلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عِشَاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه، فيُصَلِّي بهم تلك الصلاة». ولفظ البخاري:«فَيُصَلِّي بهم الصلاة المكتوبة». ولنا ما في «الصحيحين» من حديث أنس رَضِيَ الله عنه: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه».
ولو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لَمَا شُرع صلاةُ الخوف مع المُنَافِي، بل كان الإمام يُصَلِّي بكل طائفة صلاة كاملة. وأُجِيبَ عن حديث مُعَاذ: بأن النية أمر لا يَطَّلِعُ