للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ نَوَى إمَامَتَهَا، وإلَّا فَصَلاتُها.

===

تقديراً، لأنه التزم متابعته في أول الصلاة بالتحريمة.

ولهذا لا يقرأ فيما يقضيه، ولا يسجد بسهو فيه، وتبطل صلاته بتبدل اجتهاده في القبلة. والمسبوق ـ وهو الذي فاته الإمام أول الصلاة ـ بانٍ تحريمته على تحريمته، وليس بانياً أداء ما يقضيه على أدائه، بل هو منفرد فيه، ولهذا يقرأ فيه، ويسجد للسهو، ولا تبطل صلاته بتبدل اجتهاده في القبلة.

وفي «المحيط»: رجلٌ وامرأة قاما يقضيان ما سُبِقَا به، فتحاذيا لم تفسد صلاته، لأنهما لم يَشْتَرِكا في صلاة واحدة، لأنَّ المسبوق فيما يقضي منفرد. وإنْ أدركا أول الصلاة، ونَامَا أو أحدثا، ثم قاما يقضيان ما سُبِقَا به، فتحاذيا فسدت صلاته، لأنهما لاحقان. واللاحق بمنزلة المُصَلِّي خلف الإمام.

وإنما تفسد صلاة الرجل بالمحاذاة دون صلاة المرأة، لتركه التَقدُّم الذي أُمِرَ به فيما رَوْيَنَاه عن ابن مسعود وهو: «أخِّرُوهنَّ من حيث أَخَّرَهُنَّ الله». لأنه المخاطب بها دونها. ولِمَا في حديث أنس السابق من أنه صُفَّ هو واليتيم وراء النبي صلى الله عليه وسلم والعجوز من ورائهما. ولولا أنَّ المحاذاة مفسدة، ما تأخَّرَت العجوز عنهما، لأنَّ الانفراد خلف الصف مكروه. وهذا وجه الاستحسان، وفيه بحث ظاهر إذ الظاهر أنَّ انفرادها لبيان الأفضل، وحينئذٍ لا يكون مكروهاً في حقها فتأمل.

وأمّا عند مالك والشافعيّ فلم تَفْسُد صلاته أيضاً، وهو القياس اعتباراً بصلاتها، حيث لا تفسد لأن المحاذاة تقوم بهما. ولو كانت علة الفساد ـ وهي قائمة بهما ـ لكان الحكم ـ وهو الفساد ـ ثابتاً في حقهما، إذ الاستواء في العلة، يقتضي الاستواء في المعلول. ولَمّا لم تَفْسُد صلاتها، دَلَّ أنها ليست بمفسدة لصلاته.

وأمّا محاذاة الأمرد فَصَرَّح الكل بعدم إفسادها إلا مَنْ شَذّ. ولا مُتَمَسّك له في الرواية، لِمَا صَرَّحُوا به، ولا في الدراية لتصريحهم بأن الفسادَ في المرأة غير معلول بعروض شهوة، بل هو لترك فرض المقام. وليس هذا في الصبيّ.

(إنْ نَوَى إمَامَتَهَا) إذا ائْتَمَّتْ محاذية، لأنه يلزمه الفساد من جهتها، فلا بد له من التزامه. كالمقتدي لا بد له من نية الاقتداء لَمَّا لَزِمَه الفساد من جهة إمامه. (وإلاَّ فَصَلاتُها) وإن لم ينو الإمام إمامتها، لا تُفْسِد صلاته، بل تُفْسد صلاتها، لأنها لم يصح اقتداؤها، فلم تكن قراءة الإمام قراءة لها، فتبقى صلاتها بلا قراءة. ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>