للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يشترط زُفَر نية (١) إمامتها مُطْلَقاً.

ويُشْتَرَطُ في المُحَاذَاة: أنْ لا يكون بينهما حائل، ولا فُرْجَة. وأدنى الحائل في الطول: مثل مُؤْخِرَة الرَّحل (٢) أو مقدمته، لأنه أدنى أحوال الصلاة: القُعُود، فقدَّرْنَا الحائل به، وهو قدر ذراع بغِلَظ أُصْبَع. وأدنى الفُرْجَة: ما يقوم فيه شخص.

وفي «النوازل»: قوم صَلَّوا على ظهر ظُلَّة في المسجد، وقدَّامهم وتحتهم النساء: لا تجزيهم صلاتهم، لأنه تَخَلَّل بينهم وبين الإمام صف النساء، فمنع اقتداءهم. وإن كان بحذائهم من تحتهم نساء أجزأهم، لأنه ليس بينهم وبين الإمام نساء، وبينهم وبينهن حائل ـ وهو ارتفاع المكان ـ فلا تتحقق المحاذة، كما لو كان بينهما حائط. وفي «الغاية»: ويُشْتَرَطُ أنْ تكون جهتهما واحدة. ولا يُتَصَوَّرُ اختلاف جهتهما إلاَّ في ليلة مظلمة، أو الكعبة أي داخلها، أو حولها. ويُشْتَرَطُ أنْ تكون المحاذاة في ركن كامل.

وأمّا قول صاحب «الهداية»: لقوله صلى الله عليه وسلم «أخِّرُوهُنَّ من حيث أخَّرَهُنَّ الله». فغيرُ معروفٍ رَفْعُه. وأغرب منه أنه جعله من المشاهير، وهذا خلاف ما عليه الجماهير.

والحاصل: أنه لا يصح رفعه، لكنّه ثبت عن ابن مسعود وقفه. رواه الطَّبَرانِيّ: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرَّزَّاق، عن الثَّوْرِيّ، عن الأعْمَشِ، عن إبراهيم، عن أبي مَعْمَر، عن ابن مَسْعُود قال: «كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يُصَلُّون جميعاً، وكانت المرأة إذا كان لها الخليل تَلْبَسُ القَالَبَيْنِ، تَطَّاوَلُ بهما لخليلها، فألْقَى الله عليهن الحيض. وكان ابن مسعود يقول: أَخِّرُوهُنَّ كما أخَّرَهُنَّ الله. قلنا لإبراهيم: ما القَالَبَان (٣) ؟ قال: قُبْقَاباً من خشب». وإسحاق بن إبراهيم هذا: هو الوَبَري، وأبو مَعْمَر: عبد الله بن سَخْبَرَة (٤) الأزدي. وقد قال تقي الدين بن دقيق العيد: إنه حديث صحيح. والحديث مع كونه موقوفاً لا دَلَالة له فيه إلاَّ على الاستحباب، فأخِّرُوهُنَّ عن الرجال كتأخّر الأطفال وَفْقَ ما ثبت في الأحاديث المرفوعة. وعلى تسليم أنَّ الأمر للوجوب


(١) في المطبوع: نيته.
(٢) مُؤْخِرَة الرحْل: الخشبة التي يستند إليها الراكب من رَحْل البعير. النهاية ١/ ٢٩ بتصرف. والرَّحْلُ: ما يوضع على ظهر البعير للركوب. المعجم الوسيط ص ٣٣٥، مادة (رحل).
(٣) ورواية الزيلعي عن "المصنَّف": قيل: فما القالبان؟ قال: أرْجُلٌ من خشب يتَّخِذُها النساء، يتشرَّفن الرجال في المساجد. انتهى. "نصب الراية" ٢/ ٣٦.
(٤) حُرِّفت في المطبوعة إلى: عبد الله بن الشجر الأزدي. وفى المخطوطة إلى: عبد الله بن الشَّخَّير الأزدي. والصواب ما أثبتناه. انظر "المغني في ضبط أسماء الرجال". ص ٢٩٧. و "تقريب التهذيب"، ص ٣٠٥، رقم (٣٣٤١)، و "سير أعلام البنلاء" ٤/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>