والسُّجُودُ عَلَى نَجِسٍ، والدُّعَاءُ بِمَا يُسْأَلُ مِنَ النَّاسِ، والأَكْلُ، والشُّرْبُ، والعَمَلُ الكَثِيرُ: أي ما يَحْتَاجُ إلى اليَدَيْنِ،
===
عبادة أخرى انضمت إليها، لكن يُكْره لأنه فعل أهل الكتاب. وله أنّ حمله وتقليب أوراقه والنظر فيه عمل كثير، فعلى هذا لو كان موضوعاً بين يديه على شيء، ولم يحمله ولم يُقَلِّبْه لا تفسد. أو لأنها تَلَقُّن منه، فصار كما إذا تَلَقّنها من معلم، وهذا يوجب التسوية بين المحمول وغيره فتفسد بكل حال، وهو الصحيح. فيجوز صلاة من يحفظ القرآن إذا قرأ من مصحف من غير حمل.
(و) يفسدها (السُّجُودُ عَلَى نَجِسٍ) أي يَابس، وقال أبو يوسف: إن أعاده على طاهر، لا تفسد صلاته، كما لو ترك السجدة الثانية من الركعة الأولى وأعادها آخر الصلاة. ولهما: أنَّ السجدة جزء من الصلاة، فتفسد الصلاة بفسادها. وإنما لم تفسد الصلاة بتأخير السجدة، لأن الترتيب في أفعال الصلاة ليس بفرض عندنا، خلافاً لمالك والشافعيّ وزُفَر رحمهم الله. وفي «الظَّهِيرِيَّة»: ولو سجد على مكانِ نَجِسٍ ـ أي سهواً ـ ثم أعاد على مكان طاهر جازت صلاته، وإن تعمد فسدت.
(و) يفسدها (الدُّعَاءُ بِمَا يُسْأَلُ مِنَ النَّاسِ) نحو: اللهم زَوِّجْنِي فلانة، اللهم أَعطني ألف دينار. وهذا إنْ كان قبل ما قعد قدر التشهد، وإن كان بعده تمت صلاته، وخرج به منها. وقال الشافعيّ ومالك في رواية: لا تفسد.
(و) يفسدها (الأَكْلُ والشُّرْبُ) لأن كل واحد منهما عمل كثير عُرْفاً. ولا فرق في ذلك بين العَمْدِ والسهو، وإن كان بينهما فرق في الصوم، لأن حالة الصلاة مُذَكِّرَة لأنها على هيئة تخالف العادة، وحالة الصوم غير مُذَكِّرَة لأنها على هيئة توافق العادة، ولأن زمن الصوم يطول فَيَكْثُر النسيان، بخلاف زمن الصلاة.
وفي «المُحِيط»: ولو ابتلع شيئاً بين أسنانه لا تفسد صلاته إن كان (أقل من)(١) قدرِ حِمِّصَة، لأنه ليس بعمل كثير، ولعُسْر الاحتراز عنه ولصيرورته كريق فمه في عدم الإفساد لها، والصوم. ولو أكل سِمْسِمَة من خارج فسدت صلاته، لأنه عمل كثير. وعن أبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهما الله: لا تفسد. ولو كان في فمه عين سُكَّرَة فذابت ودخلت حلقه فسدت، ولو وجد حلاوتها على إثْر ابتلاعها لا تفسد.
(و) يفسدها (العَمَلُ الكَثِيرُ: أي ما يَحْتَاجُ إلى اليَدَيْنِ) عادة، وإنْ فُعِلَ بيد واحدة كالتعمُّم، والتقمُّص، والتسرول، والرمي عن القوس، وما يحتاج ليد واحدة قليل،
(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في فتح القدير ١/ ٣٥٩.