للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالذِّكْرِ، وَالفَتْحُ إلّا لإِمَامِهِ، والقِرَاءة من مِصْحَفٍ،

===

(بالذِّكْرِ) نحو أن يقول: الحمد لله، جواباً لمن أخبره بما يسره.

أو: لا حول ولا قوَّة إلا بالله، جواباً لمن أخبره بما يَسُؤه. أو: سبحان الله، جواباً لمن أخبره بما يُتَعَجَّبُ منه. أو: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، جواباً لمن أخبره بموت أحد، ولا إله إلاَّ الله جواباً لمن قال له: هل مع الله إله آخر؟ وفي المسألة خلاف أبي يوسف رحمه الله. وأمَّا إنْ لم يُرِدْ جوابه، وأراد به إعلامه أنه في الصلاة لم تَفْسُدْ بالإجماع.

(وَ) يفسدها (الفَتْحُ) أي فتح المُصَلِّي على قاراء مصلَ أو غيره (إلاّ لإِمَامِهِ) لأن الفتح على غير إمامه تعليم من غير ضرورة، فكان ككلام النَّاس. وفي «المُحِيط»: ولو فتح على غير إمامه تُفْسُدُ إلا إذا عَنَى به التلاوة دون التعليم. وفي «مُنْيَة المُصَلِّي»: وإن فتح على إمامه بعد ما قرأ مقدار ما يجوز به الصلاة، أو بعد ما تَحَوَّل إلى آية أخرى تَفْسُدُ، والصحيح أنها لا تَفْسُدُ. ولو أخذ منه الإمام قيل: تفسد صلاته، والصحيح عدمه.

وفي «الأصل» و «الجامع الصغير»: إذا فتح المأموم على إمامه تَجوز الصلاة مطلقاً، لأن الفتح عمل يسير وتلاوة خفيفة. ثم إذا فتح المأموم على إمامه يَنْوِي الفتح. وقال بعض المشايخ: القراءة. والصحيح الأول، لأن الفتح مُرَخَّصٌ فيه، وقراءة المأموم مَنْهِيّ عنها. وينبغي للمقتدي أن لا يُعَجِّل بالفتح، وللإمام أن لا يُلْجِئَهم إليه، بل إن قرأ قدر الفرض يركع، وإن لم يقرأه (١)، ينتقل إلى آية أخرى.

ولو قَبِل الإمام من فاتح غير داخل معه في الصلاة، تَبْطُل صلاة الكل. وإنما جاز الفتح على إمامه لقول ابن عمر: «إن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى صلاة فقرأ فيها فَلُبِّسَ عليه، فَلَمَّا انصرف قال لأُبَيّ: أصلَّيت معنا؟ قال: نعم، قال: فما منعك؟» (٢). رواه أبو داود. ولقول عليّ كرَّم الله وجهه: «إذا استطعمك الإمام فأطعمه، وهو مَلِيم». أي مستحق للمَلامَة حيث أحوجه إلى الفتح.

(و) يفسدها (القِرَاءةُ من مُصْحَفٍ) وقال أبو يوسف ومحمد: يُكْرَه قراءة المصلّي من المصحف ولا تَفْسُد صلاته. لأن القراءة عبادة، والنظر في المصحف


(١) في المطبوع: يركع، والمثبت من المخطوط.
(٢) في المطبوع: "فما منعك أن تفتح عليَّ". اهـ. وما أثبتناه من المخطوط وسنن أبي داود ١/ ٥٥٩، كتاب الصلاة (٢)، باب الفتح على الإمام في الصلاة (١٥٨، ١٥٩)، رقم (٩٠٧). قال الخطابي: أراد به: ما منعك أن تفتح عليّ إذ رأيتني قد لُبِّسَ عليّ حاشية سنن أبي داود. فلو كان هذا اللفظ موجودًا في الحديث لما قال الخَطَّابي: أراد به … ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>