للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأَنِينُ ونَحْوهُ مِمَّا له صَوْتٌ، والبُكَاءُ بِصَوْتٍ، إِلّا لأَمْرِ الآخِرَةِ، وَتَنَحْنُحٌ إلا بِعُذْرٍ، وتَشْمِيتُ عَاطِسٍ، وَجَوَابُ الكَلامِ وَلَوْ

===

بيده) (١)، أو بأصبعه لا تفسد صلاته. ولو طلب إنسان من المُصَلِّي شيئاً، فأَوْمَأَ برأسه، أو بيده بـ: لا أو بـ: نعم، لا تَفْسُدُ صلاته. ومثل ذلك في «خُلاصَةِ الفَتَاوى»، وكذا في «شرح الكَنْز» عن «الغاية». وذكر صاحب «المَجْمَع» رد السلام باليد في مفسدات الصلاة. وفي «الخُلَاصة»: أن في الرد بالرأس أو اليد تَفْسُد صلاته. وفي «مواهب الرحمن»: أنَّ رَدَّ السلام بيده مكروه في الصلاة.

(و) يُفْسِدها (الأَنِينُ ونَحْوهُ مِمَّا له صَوْتٌ) كالتأوّه (والتأفيف والنَّفْخ المسموع، إلا إذا كان مريضاً لا يملك نفسه عن الأنين والتَّأَوُّه) (٢)، لأن أنينه حينئذٍ كالعُطَاس والجُشَاء إذا حصل بهما حروف.

(و) يُفْسِدُها (البُكَاءُ بِصَوْتٍ إِلاّ لأَمْرِ الآخِرَةِ) هذا قيد في هذه المسألة والتي قبلها.

والحاصل: أن نحو الأَنين والبكاء بصوت: إن كان لغير أمر الآخرة بأن كان لوجع أو مصيبة تفسد الصلاة، لأن فيه إظهار التأسّف والجزع، فصار كأنه قال: أعينُوني. وإن كان لأمر الآخرة بأن كان لِخَوْف أو رجاء لا تفسد، لأنه كالدعاء والثناء. روى أبو داود عن مُطَرِّف، عن أبيه قال: «رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وفي صوته أزيز كأزيز الرَّحى (٣) من البكاء». وفي البخاري: قال عبد الله بن شداد: «سمعت نشيج عمر رضي الله عنه وأنا في آخر الصفوف يقرأ: {إنما أَشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى الله} (٤)». يقال نشج الباكي نشيجاً إذا غَصَّ بالبكاء في حلقه من غير انْتِحَاب، أي بنفس شديد.

(وَ) يفسدها (تَنَحْنُحٌ) حصل به حروف (إلا بِعُذْرٍ) بأن كان مُضْطَرّاً إليه لعدم إمكان الاحتراز عنه حينئذٍ. ولو تَنَحْنَحَ المصلي لتحسين صوته لا تفسد صلاته، قاله خَواهِرْ زَادَهْ. (و) يفسدها (تَشْمِيتُ عَاطِسٍ) بأن قال له: يرحمك الله، لأنه يقع في خطاب الناس، فصار ككلامهم. وقد سبق الحديث الدال عليه صريحاً.

(وَ) يفسدها (جَوَابُ الكَلَامِ) سواء كان خبراً أو غيره (وَلَوْ) كان الجواب


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاضرتين سقط من المطبوع.
(٣) الرّحى: الأداة التي يُطحن بها، وهي حجران مستديران يوضع أحدهما على الآخر، ويدار الأعلى على قطبٍ. المعجم الوسيط، ص: ٣٣٥ مادة (رحى).
(٤) سورة يوسف، الآية: (٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>