للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَلْبُ الحَصَى لِيَسْجُدَ، إلَّا مَرَّةً

===

فَلْيَرُدَّه ما استطاع، ولا يقول: هاه، هاه، فإن ذلك من الشيطان يضحك منه» (١) . وفي رواية: «إذا تثاءب أحدكم فَلْيُمْسِك يده على فمه، فإن الشيطان يدخل في فيهِ» (٢) . ويُكرَه تغميض العينين في الصلاة، ورفعهما إلى السماء لقوله صلى الله عليه وسلم «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، لَيَنْتَهِيَنَّ أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارهم» (٣) . ويُكرَه الشروع فيها مع مُدَافعة الخبث، فإن شغله قَطَعَ الصلاة. وإن مضى عليه أجزأته وأساء. ويُكْرَه التَّرَوُّحُ بالكُمِّ، وتفسد بالمِرْوَحَة على الصحيح.

ويُكْرَه الإقعاء وهو عند الطَّحاويّ: أن يقعد على أَلْيَتيه، ويَنْصِبَ فَخِذَيه، ويضم ركبتيه إلى صدره، ويضع يديه على الأرض. وعند الكرْخِيّ: أنْ ينصب قدميه، ويقعد على عقبيه، ويضع يديه على الأرض. والأول أصح تفسيراً، لأنه يُشْبِه إقعاء الكلب. لقول أبي هريرة: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نَقْرَةٍ كنَقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب». رواه أحمد في «مسنده». ولقول عائشة: «كان ـ تعني النبيّ صلى الله عليه وسلم ـ ينهى عن عُقْبَة الشيطان، وأنْ يَفْتَرِش الرجل ذراعيه افتراش السَّبُع». رواه البخاري، وعُقْبَة الشيطان: الإقعاء. ولقول أنس: قال لي النبيّ صلى الله عليه وسلم «إذا رفعت رأسك من السجود، فلا تُقْعِ كما يُقْعِي الكلب، ضع ألْيَتَيك بين قدميك، والْزِق ظهر قدميك بالأرض». رواه ابن ماجه.

ويكره التَّرَبُّع بلا عذر، لأن فيه ترك سنة القعود فيها. وأما خارجها، فليس بمكروه لأن جُلَّ قعود النبيّ صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كان التربع، وكذا عمر رَضِيَ الله عنه. ويُكْرَه التراوح (٤) بين القدمين في الصلاة إلاَّ بعذر. وكذا التمايل على يمناه مرة، وعلى يسراه أخرى. ويُكْرَه أن يُصَلِّي وفي فِيهِ دراهم ونحوها، وإن كان لا يمنعه عن القراءة.

(و) كُرِهَ (قَلْبُ الحَصَى) أي تسويته (لِيَسْجُدَ) عليه (إلاَّ مَرَّةً) لِمَا في البخاري


(١) أخرجه الترمذي في سننه ٥/ ٨٠، كتاب الأدب (٤١)، باب ما جاء إن الله يحب العطاس .. (٧)، رقم (٢٧٤٧) بلفظ قريب.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٤/ ٢٢٩٣، كتاب الزهد والرقائق (٥٣)، باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب (٩)، رقم (٢٩٩٥).
(٣) صحيح البخاري (فتح الباري) ٢/ ٢٣٢، كتاب الأذان (١٠)، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة (٩٢) (رقم (٧٥٠).
(٤) التراوح: الاعتماد على إحدى القدمين مرة على الأخرى مرة، ليوصل الراحة إلى كل منها. النهاية: ٢/ ٢٧٤، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>