للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَكْفِي سُتْرَةُ الإِمَامٍ، وجَازَ تَرْكُها عِنْدَ عَدَمِ المُرُورِ وَعَدَمِ الطَّرِيقِ.

ويَدْرَأُ بالتَّسْبِيحِ والإشَارَةِ إنْ عَدِمَ سُتْرَةً، أو مَرّ بَيْنَهُ وبَيْنَهَا.

===

منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته».

(ويَكْفِي سُتْرَةُ الإِمَامِ) أي تجزي عن سُتْرة المأموم. لِمَا في «الصحيحين» عن أبي جُحَيْفة: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى بهم بالبطحاء وبين يديه عَنَزَةٌ، والمرأة والحمار يمرون من ورائها، ولم يأمر من صلّى خلفه باتخاذ سُتْرة». والعَنَزَة: عصاً صغيرة. وأما قول صاحب «الهداية»: لأنه عليه الصلاة والسلام صلى ببَطْحَاء مكة، ولم يكن للقوم سُتْرَة. فغير معروف بهذا اللفظ.

(وجَازَ تَرْكُها) أي ترك السُّتْرَة إذا عَدِمَ الداعي إليها. وذلك (عِنْدَ عَدَمِ المُرُورِ) أي عَدم ظنّه (وَعَدَمِ الطَّرِيقِ). لِمَا روى أبو داود من حديث فضل بن عباس قال: «أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية ومعه العباس، فصلَّى في صحراء ليس بين يديه سُتْرة، وحمارةٌ وكلبةٌ تَعْبَثَانِ (١) بين يديه، فما بَالَى ذلك».

(ويَدْرَأُ) أي يدفع الرجل المار بين يديه (بالتَّسْبِيحِ) أي يقول: سبحان الله (والإشَارَةِ) بيده أو كُمِّهِ (إنْ عَدِمَ سُتْرَةً، أو مَرّ بَيْنَهُ وبَيْنَهَا) لِمَا في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة رَضِيَ الله عنه: «مَنْ نابه شيء في صلاته فليُسَبِّح، فإنه إذا سَبَّح التَفَت إليه، وإنما التصفيق للنساء».

وروى ابن ماجه عن أم سَلَمَة ـ زوج النبي صلى الله عليه وسلم ـ قالت: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي في حُجْرَة أم سَلَمَة، فمر بين يديه عبد الله أو عمر بن أبي سَلَمَة (٢) فقال بيده ـ أي أشار بها ـ فرجع، فمرت زَيْنَبُ بنت أم سَلَمَة (فقال) (٣) بيده، فمضت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هنّ أغلب (٤) ». ولقوله صلى الله عليه وسلم «إذا كان أحدكم يصلي، فلا يَدَعْ أحداً يمر بين يديه، وليدرأ ما استطاع، فإن أبَى، فليقاتله فإنما هو شيطان» (٥) . أي يبالغ


(١) تعبثان: من العبث وهو اللعب. النهاية ٣/ ١٦٩.
(٢) في المخطوط: فمر بين يديه عبد الله بن عمرو أو عمرو بن سَلَمة. والمثبت من المطبوع وهو الصواب لموافقته لما في سنن ابن ماجه ١/ ٣٠٥، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (٥)، باب ما يقطع الصلاة (٣٨)، رقم (٩٤٨).
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٤) هن أغلب: أي النساء أغلب في المخالفة والمعصية. فلذلك امتنع الغلام عن المرور ومضت الجارية.
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه ١/ ٣٦٢، كتاب الصلاة (٤)، باب منع المارّ بين يدي المصلي (٤٨)، رقم (٢٥٨ - ٥٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>