للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَمْ يَكُنْ لِلمُصَلِّي سُتْرَةٌ بِمِقْدارِ ذِرَاعٍ وغِلَظِ أُصْبَعٍ، تُغْرَزُ حَذْوَ أحَدِ حَاجِبَيهِ بِقُرْبِهِ.

===

اختاره شمس الأئمة، وبعض الأعلام.

ثم هذا كله (إنْ لَمْ يَكُنْ لِلمُصَلِّي سُتْرَةٌ) أي خَشَب، وأقلها أنْ يكون (بِمِقْدارِ ذِرَاعٍ وغِلَظِ أُصْبَعٍ) لِمَا روى مسلم عن طَلْحَة بن عُبَيْد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جعلت بين يديك مثل مُؤْخِرةَ الرَّحْلِ (١) ، فلا يَضُرُّك من مرَّ بين يديك». وفي لفظ (له) (٢) وللترمذي: «إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مُؤْخِرَة الرَّحل فَلْيُصَلِّ، ولا يُبَالِ من مر وراء ذلك». وروى صاحب السنن: أن آخِرَة الرَّحْل: ذراع فما فوقها.

ولقوله عليه الصلاة والسلام: «ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم». رواه البُخَارِي في «تاريخه الكبير». ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا صَلَّى أحدكم فليجعل تِلْقَاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلْيَنْصِب عصاً، فإن لم يكن عصاً، فَلْيَخُطَّ خطاً، ثم لا يضره ما مرَّ أمامه». رواه أبو داود، وابن ماجه. قال النووي: قال الحُفَّاظُ: هو ضعيف، لكن قال البيهقي: ولا بأس بالعمل بهذا الحديث في هذا الحكم إن شاء الله سبحانه، وهذا الذي اختاره المختار، انتهى.

ويؤيده: أن في الباب أحاديث صِحَاحاً بألفاظ مختلفة المَبنَى، متفقة المعنى. وأما قول صاحب «الهداية»: لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا صلّى أحدكم في الصحراء فليجعل بين يديه سُتْرَة». فقوله: في الصحراء، غير معروف.

(تُغْرَزُ) لتبدو للناظر (حَذْوَ أحَدِ حَاجِبَيْهِ) الأيمن أو الأيسر. لما روى أبو داود بسند ضعيف: عن المِقْدَاد بن الأَسود قال: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي إلى عُودٍ ولا عمود ولا شجرة إلاَّ جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر، ولا يَصْمُدُ إليه صَمْداً». أي لا يقابله مستوياً، بل يميل عنه. (بِقُرْبِهِ) لما روى أبو داود والنَّسائي بإسناد صحيح، عن سهل بن أبي حَثْمَة (٣) : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلّى أحدكم إلى سُتْرة، فَلْيَدْنُ


(١) مُؤْخِرَة الرَّحْلِ: هي الخشبة التي يَسْتَند إليها الرَّاكب من كُور البعير. النهاية: ١/ ٢٩. والكُور: هو رَحْل الناقة بأَداته، وهو كالسَّرْج وآلته للفرس. النهاية: ٤/ ٢٠٨.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته، وذلك لوجود هذه الرواية في صحيح مسلم ١/ ٣٥٨ كتاب الصلاة (٤)، باب سترة المصلي (٤٧)، رقم (٢٤١ - ٤٩٩).
(٣) في المخطوط: سهل بن أبي خَيْثَمَة، والمثبت من المطبوع وهو الصواب، لموافقته لما في سنن أَبي داود ١/ ٣٥٨، كتاب الصلاة (٢)، باب الدُّنو من السترة (١٠٦)، رقم (٦٩٥) ولما في سنن النَّسائي ٢/ ٣٩٥، كتاب القِبْلَةَ (٩)، باب الأمر بالدنو من السُّتْرة (٥)، رقم (٧٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>