والحاصل: أنه إذا أُقِيمَت بعدما صلّى ركعة من الفجر أو المغرب قطع وأتم، لأنه لو أضاف إليها أخرى لفاتته الجماعة لوجود الفراغ حقيقة أو شُبْهَة، وكذا لو قام إلى الثانية قبل أن يقيدها بالسجدة، وإنْ قيَّد الثانية فيهما بسجدة أتَمَّ. ولا يقتدي بالفجر لكراهة النفل بعده، وكذا في المغرب على ظاهر الرواية، لقوله عليه الصلاة والسلام:«إذا صلّيت في أهلك، ثم أدركت الصلاة فصلِّها إلاَّ الفجر والمغرب». رواه الدَّارَقُطْنِيّ من حديث ابن عمر. قال عبد الحق: تَفَرَّدَ برفعه سَهْل بن صالح الأَنْطَاكِيّ وكان ثقة، فلا يضرّه حينئذٍ وَقْفُ من وقفه، لأن زيادة الثقة مقبولة.
ولو أدرك الإمامَ راكعاً فكبّر ووقف حتى رفع الإمام رأسه لم يصر مدركاً لتلك الركعة، لأن الشرط هو المشاركة للإمام في أفعال الصلاة، ولم يوجد لا في القيام ولا في الركوع، خلافاً لِزُفَر والشافعيّ. وأما لو أدركه في القيام ولم يركع معه حتى رفع الإمامُ رأسه، ثم ركع المقتدي صار مُدْرِكاً لتلك الركعة، لأنه أدرك حقيقة القيام وذلك بالاتفاق. ولو ركع قبل الإمام فأدرك الإمام فيه صحَّ، لوجود المشاركة وكُرِهَ للمخالفة، وقال زُفَر: لا يصح.
(وكُرِهَ خُرُوجُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ) فرضه (مِنْ مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ) لما روى ابن ماجه في «سننه» عن عثمان بن عَفَّان رَضِيَ الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أدرك الأذان في المسجد، ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجوع، فهو منافق». وأخرجه أبو داود في كتاب «المراسيل» عن سعيد بن المُسَيَّب: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخرج من المسجد أحد بعد النداء إلاَّ منافق، إلاَّ أحد أخرجته حاجة، وهو يريد الرجوع». وأخرجه ابن ماجه بلفظ: «من أدرك الأذان في المسجد، ثم خرج لا يخرج لحاجة وهو لا يريد الرَّجْعَة (١) فهو منافق». وأخرجه الجماعة إلاَّ البخاري عن أبي الشَّعْثَاء، وسليم بن الأَسْوَدِ قال:«كنا مع أبي هريرة رَضِيَ الله عنه في المسجد، فخرج رجل حين أذَّنَ المؤذِّن للعصر فقال أبو هريرة: أمَّا هذا فقد عصى أبا القاسم».
(لا) يُكْرَه الخروج بعد الأذان (لِمُقِيم جَمَاعةٍ أُخْرَى) بأن يكون مؤذنَ مسجد
(١) في المطبوع: الرجوع، والمثبت من المخطوط وهو الصواب، لموافقته لِمَا في سنن ابن ماجه ١/ ٢٤٢، كتاب الأذان والسنة فيها (٣). باب إذا أذن وأنت في المسجد فلا تخرج (٧)، رقم (٧٣٤).