للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَتْرُكُ سُنَّةَ الظُّهْرِ في الحَالَيْنِ ويَقْتَدِي، ثُمَّ يَقْضِيهَا قَبْلَ شَفْعِهِ، وغَيْرُهُمَا لا يُقْضَى أَصْلًا.

===

قلنا: يمكن قضاؤها في وقت الظهر بعد الفرض بخلاف سنة الفجر كما قدمناه.

(ويَتْرُكُ سُنَّةَ الظُّهْرِ في الحَالَيْنِ) أي حال إدراك ركعة من الظهر، وحال عدم إدراكها (ويَقْتَدِي) لأنه يمكنه أداء سنّة الظهر في وقته بعد أن يصلِّي مع الجماعة (ثُمَّ يَقْضِيهَا) أي يؤدي سنة الظهر في وقته كما رُوِيَ عن أبي حنيفة وصَاحِبَيْه، وهو الصحيح. وقيل: لا يَقْضِي لأنه عليه الصلاة والسلام إنما واظب عليها قبل الظهر.

(قَبْلَ شَفْعِهِ) أي الركعتين اللتين بعده، وهذا عند محمد. وعند أبي يوسف: يقضيها بعد شَفْعِه. وقيل: الخلاف بالعكس. ثم وجْهُ تقديم الأربع على الشَّفْعِ: أنَّ حقها التقديم على الظهر المتقدم، وتأخيرها عن الظهر لا يقتضي تأخيرها عن شفعه. ووجه تقديم الشفع على الأربع: أنها فاتت عن محلها، فلا يفوت الشفع عن محله ـ وهو الاتصال بالفرض ـ وهو المعتمد. لما رواه ابن ماجه عن عائشة رَضِيَ الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر، صلاَّها بعد الركعتين بعد الظهر». وما رواه صاحب «الهداية» من قوله صلى الله عليه وسلم «من ترك الأربع قبل الظهر لم تنله شفاعتي». فغير معروف.

(وغَيْرُهُمَا) أي غير سنّة الفجر والأربع قبل الظهر من السنن (لا يُقْضَى) أي لا يلزم قضاؤه (أَصْلاً) أي لا وحده، ولا تَبَعاً لفرضه، لأن لزوم القضاء مختصٌّ بالفرض والواجب، وسنّة الفجر لقوّتها قريبة من الواجب، وسنّة الظهر إنما فات محلها لا وقت فرضها. وقيل: يُقْضَى غيرهما تَبَعاً. لأن الشيء قد لا يثبت قصداً، ويثبت تَبَعاً، والقياس على سنة الفجر تَبَعاً.

ثم الأفضل في عامة السنن والنوافل المَنْزِل، وهو مرويٌّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً». متفق عليه. وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته، فإنّ الله جاعل في بيته من صلاته خيراً». رواه مسلم. وعن زيد بن ثابت: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صَلُّوا أيها الناس في بيوتكم، فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلاَّ المكتوبة». متفق عليه. وفي رواية مسلم: «فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلاَّ المكتوبة». وعنه: «صلاة في مسجدي هذا، أفضل من ألف صلاة في غيره، وأفضل منه ركعتان يصليهما في زاوية بيته». ضَعَّفه النووي وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>