للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَجِبُ السُّجُودُ بِسَهْوِ المُؤْتَمِّ، بَلْ يَجِبُ بِسَهْوِ إِمَامِهِ إِنْ سَجَدَ. والمَسْبُوقُ يَسْجُدُ مع إمَامِهِ ثُمَّ يقْضِي. وإنْ لَمْ يَقْعُدْ أوَّلًا، وَهُوَ إليه أقْرَبُ قَعَدَ وتَشَهَّدَ ولا سهْوَ عَلَيهِ،

===

لم يُفْسِد صلاته، لأنه لم يَرِدْ فيما روينا آنفاً إعادة قعود ولا تشهد. وإنما ورد في رواية عِمْرَان بن الحُصَيْن فقط إعادة السلام. نعم روى الدَّيْلَمِيّ في «مسند الفِرْدَوْسِ» عن ابن مسعود وأبي هريرة مرفوعاً: «سجدتا السهو بعد التسليم»، وفيها تشهد وسلام.

(ولا يَجِبُ السُّجُودُ بِسَهْوِ المُؤْتَمِّ) لأنه إن سجد وحده خالف الإمام، وإن سجد معه إمامه صار الأصل تبعاً. ولو سلم المسبوق سهواً: إن كان مقارناً بسلام الإمام، فلا سجود عليه لأنه حينئذٍ مقتد، وإن كان بعد سلامه، فعليه السجود لأنه منفرد فيما يقضي بخلاف اللاحق، فإنه مقتد فيما يقضي فلا يسجد لسهوه فيه.

(بَلْ يَجِبُ) السجود على المُؤْتَمِّ (بِسَهْوِ إِمَامِهِ إِنْ سَجَدَ) إمامه لأنه تَبَعٌ لإمامه، سواء كان السهو حالة الاقتداء أو قبلها، حتى لو اقتدى به بعدما سجد واحدة من سجدتي السهو، يُتَابِعُه في الأخرى، ولا يقضي الأُولى.

(والمَسْبُوقُ يَسْجُدُ مع إمَامِهِ) تَبَعَاً له ولا يُسَلِّمُ (ثُمَّ يَقْضِي) ما فاته. وسبب أن المسبوق يقضي بعد فراغ الإمام ما روى أحمد عن مُعَاذ بن جَبَلٍ قال: «كانوا يأتون الصلاة وقد سبقهم ببعضها النبيّ صلى الله عليه وسلم فكان الرجل يشير إلى الرجل إذا جاء كم صلّى؟ فيقول ـ أي يشير ـ واحدة أو اثنتين، فيصليها ثم يدخل مع القوم في صلاتهم. قال: فجاء مُعَاذ فقال: لا أجده على حال أبداً إلاَّ كنت عليها، ثم قَضَيْتُ ما سبقني. قال: فجاء وقد سبقه صلى الله عليه وسلم ببعضها فثبت معه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، قام فقضى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد سَنَّ لكم مُعَاذ، فهكذا فاصنعوا». وفي «المحيط»: وإن لم يسجد المسبوق مع الإمام للسهو، وجب عليه السجود آخر صلاته استحساناً.

(وإنْ لَمْ يَقْعُدْ) الإمام والمنفرد (أوَّلاً وَهُوَ إليه) أي إلى القعود (أقْرَبُ) بأن لم يرفع ركبتيه عن الأرض، وقيل: بأن لم ينصِب النصف الأول. (قَعَدَ وتَشَهَّدَ) لأن ما قَرُبَ من الشيء له حُكْمَه. وهذا رواية عن أبي يوسف، واستحسنها مشايخ بُخَارَى. وفي «قاضيخان» في رواية: إذا قام على ركبتيه لينهض يقعد وعليه السهو، يستوي فيه القعدَة الأولَى والثانية، وعليه الاعتماد. وفي «شرح الكَنْز»: والأصح أنه يقعد ما لم يَسْتَتِمَّ قائماً. قلت: وهو ظاهر الرواية، ويؤيده الحديث الآتي.

(ولا سَهْوَ عَلَيْهِ) أي في القعود قبل أن يستوي قائماً في الأصح لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا اسْتَتَمَّ أحدكم قائماً فليصل وليسجد سجدتي السهو، وإن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>