للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُعْتَبَرُ في السَّامِعِ مَجْلِسُهُ.

وإسْدَاءُ الثَّوْبِ والانْتِقِالُ مِنْ غُصْنٍ إلى غُصْنٍ آخر تَبْدِيلٌ.

ويُكْرَهُ تَرْكُ آيَةِ السَّجْدَةِ وَحْدَها لا عَكْسُهُ، ونُدِبَ ضَمُّ غَيْرِهَا،

===

وقوله سبحانه {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} (١) ، وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الدين يُسْرٌ، ولن يُشَادَّ (٢) الدينَ أحدٌ إلا غلبه». رواه البخاري وغيره. ولأن مبنى السجدة على التداخل بالنص فإنه صلى الله عليه وسلم كان يسمع من جبرائيل عليه السلام آية السجدة، ويقرأها على أصحابه، ولا يسجد إلاَّ مرة واحدة. مع أنه عليه السلام كان يكرر حديثه ثلاثاً ليُعْقَل، فكيف بالقرآن. وبدلالة الإجماع فإن السامع إذا قرأها لم يجب عليه إلاَّ واحدة، وقد تحقق في حقّه التلاوة والسماع، وكل واحد سبب على حدة، حتى يجب بالسماع وحده، وبالتلاوة وحدها إذا كان التالي أصَمّ. ولو كررها في الركعتين قال أبو يوسف: كَفَتْهُ سجدة. وقال محمد: يسجد سجدتين.

(ويُعْتَبَرُ في السَّامِعِ مَجْلِسُهُ) حتى لو اتَّحد مجلس التالي وتكرر مجلس السامع، تكرر الوجوب على السامع باتفاق المشايخ. ولو تعدد مجلس التالي واتحد مجلس السامع، قيل: تكرر الوجوب على السامع ولو تعدد في «الكافي»: وهو الصحيح، لأن التلاوة سبب والسماع شرط، والحكم يضاف إلى السبب دون الشرط. وقيل: لا يتكرر على السامع. في «الهداية»: هو الأصح، لأن مجلسه متحد والسماع سبب لوجوب السجدة كالتلاوة.

(وإسْدَاءُ الثَّوْبِ) أي جعل سَدَاه (٣) على أخشاب بمجيء وذهاب (والانْتِقَالُ مِنْ غُصْنٍ إلى غُصْنٍ آخر تَبْدِيلٌ) للمكان، لأن المكان تبدَّل حقيقة. وقيل: يكفيه في الانتقال من غصن إلى غصن سجدة واحدة، لأن العبرة لأصل الشجرة وهو واحد.

(ويُكْرَهُ) في الصلاة وغيرها (تَرْكُ آيَةِ السَّجْدَةِ وَحْدَها) لأنه يُشْبِه الاستنكاف عن السجود، والإعراض عن طاعة المعبود (لا عَكْسُهُ) أي لا يكره قراءة آية السجدة وحدَها، لأن في ذلك مبادرة إلى السجود.

(ونُدِبَ ضَمُّ غَيْرِهَا) من آية أو آيتين قبلها أو بعدها كيلا يؤدي إلى إيهام تفضيل آية على آية. ولو قرأ آية السجدة إلاَّ الحرف الذي في آخرها لا يسجد، ولو


(١) سورة البقرة، الآية: (١٨٥).
(٢) يشادّ: أي يُقَاوِيه ويُقَاومه، ويُكلِّف نفسه من العبادة فيه فوق طاقته. النهاية: ٢/ ٤٥١.
(٣) السَّدَى: من الثوب، هو ما يمدُّ طولًا في النسيج. المعجم الوسيط مادة (سدا)، ص: ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>