للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخُطْبَةُ نَحْوَ تَسْبِيحَةٍ

===

الجمعة اسماً وقدراً وشرطاً، فلا يمكن بناء الظهر عليها. وإنما شرط الوقت لِمَا في البخاري عن أنس: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّيَ الجُمُعَة حين تميل الشمس». وفي مسلم عن سَلَمَة بن الأَكْوَعِ: «كنّا نُجَمِّعُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس». الحديث.

وقال أحمد: تجوز الجمعة قبل الزوال في الساعة السادسة لِمَا روى مسلم عن سَهْل بن سَعْد السَّاعِدِيّ قال: «ما كنا نَقِيلُ (١) ولا نَتَغَدَّى إلاَّ بعد الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الاستدلال به نظر، إذ لا دلالة فيه إلا على التبكير المُرَتَّبِ عليه تركُ الغداء والقَيْلُولَة مبادرةً إلى الجمعة. وأمَّا ما روى أحمد عن ابن مسعود: «أنه كان يصلِّي الجمعة ضُحىً ويقول: إنما عَجِلْتُ بكم خشية الحَرِّ عليكم». ففيه أن فعله رَضِيَ الله عنه لا يصلح أن يكون مُعَارِضاً لفعله صلى الله عليه وسلم

وامْتَدَّ الوقت عند مالك من الزوال إلى المغرب، حتى لو افتتحها في وقت العصر، يصح عنده. ولو خرج الوقت يُتِمُّها عنده جمعةً، وهذا الخلاف مبني على أن وقتي الظهر والعصر واحد عنده، كما تقدَّم والله تعالى أعلم. وفي «الظَّهِيرِيَّة»: إذا أراد أن يسافر يوم الجمعة، لا بأس به إذا خرج من عُمْرَان المِصْرِ قبل دخول وقت الظهر.

(و) شرط لأدائها (الخُطْبَةُ) قبل الصلاة فلو صلاَّها بلا خُطْبَة أو خَطَبَ بعد الصلاة لم يجز. لأن إقامتها مقام الظهر على خلاف القياس، والشرع ما جاء بها إلاَّ مقيدة بالخُطْبَة، فإنه صلى الله عليه وسلم ما صلاَّها في عمره بدونها، نص على ذلك غير واحد من الحُفَّاظِ، منهم البيهقي قال: «لم يُصَلِّ النبيّ صلى الله عليه وسلم الجُمُعَة إلاَّ بالخطبة». ولو جازت بدونها لفعلها مرة تعليماً للجواز، وما خطب إلاَّ قبلها لأن الأذان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر ـ رَضِيَ الله عنهما ـ كان حين يجلس الإمام على المِنْبَرِ للخطبة، فيدل ذلك على أن الصلاة بعدها. وقد قال صلى الله عليه وسلم «صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي» (٢) .

(نَحْوَ تَسْبِيحَةٍ) لقصد الخُطْبة ولو قال: الحمد لله، لعطاس أو: سبحان الله، لتعجبٍ لا يُجْزِاء اتفاقاً. وأراد بنحو تسبيحة تهليلة وتكبيرة مع الكراهة. وقال أبو


(١) تَقَيَّلَ: نام في القائلة، والقائلة هي الظهيرة. المعجم الوسيط، ص: ٧٧١،.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح البارى) ٢/ ١١١، كتاب الأذان (١٠)، كتاب الأذان للمسافر إذا كانوا .. (١٨)، رقم (٦٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>