للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَعْدَة قَائِمًا طَاهِرًا. فإذَا تَمَّتَا أُقِيمَ، وصَلَّى الإِمَامُ بالنَّاس رَكْعَتَيْنِ.

===

لَغَوْت». وهذا يفيد بطريق الدلَالة منع الصلاة، لأن الأمر بالمعروف، وهو أعلى من السُّنَّةِ وتحيِة المسجد، فَمَنْعه منهما أوْلَى.

فإن قيل: العبارة مقدَّمة على الدلَالة عند المعارضة، قلنا: إنها غير لازمة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنصت له حتى فَرَغَ من صلاته، لِمَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ من حديث عُبَيْد بن محمد العَبْدِيّ: حدّثنا مُعْتَمِر، عن أبيه، عن قَتَادة، عن أنس قال: «دخل رجل المسجد ورسول الله يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قم فاركع ركعتين. وأمسكَ عن الخطبة حتى فَرَغَ من صلاته». ثم قال: وَهَم عُبَيد في إسناده. ثم رواه، عن أحمد بن حنبل: حدَّثنا مُعْتَمِر، عن أبيه قال: «جاء رجل والنبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: يا فلان أصلّيت؟ قال: لا، قال: قم فصلِّ، ثم انتظره حتى صلّى». قال: وهذا المُرْسَل هو الصواب.

قلنا: المرسل حجّة عندنا وعند الجمهور، فيجب اعتقاد مقتضاه علينا، ثم إسناده بزيادة (١) الثقة مقبولة، فمجرد زيادته لا يوجب الحكم بغلطه، وإلاَّ لَمْ تُقْبَل زيادةٌ. وأمَّا ما رواه مسلم فيه من قوله: «إذا جاء أحدكم الجمعة … ». الحديثَ، لا ينفي (٢) كون المراد أن يركع مع سكوت الخطيب، لِمَا ثبت في السنة من ذلك، أو كان قبل تحريم الصلاة في حالة الخطبة. فَتَسْلَمُ تلك الدلَالة عن المُعَارِض.

(ويَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، بَيْنَهُمَا قَعْدَةٌ) مقدار ثلاث آيات في ظاهر الرواية (قَائِماً) لأنه المتوارث، ولقوله تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِماً} (٣) . فعن ابن عمر: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بينهما». وفي رواية: «يخطب قائماً، ثم يَقْعُدُ، ثم يقوم ـ كما يُفْعَلُ الآن ـ». متفق عليه.

(طَاهِراً) لأنها ذِكْرٌ يتقدم الصلاة، فيستحب فيها التطهير كالأذان. فلو خطب قاعداً، أو على غير طهارة، جاز، إلاَّ أنه يُكْرَه عندنا خلافاً لمالك والشافعي فيهما، إذ القعود والطهارة شَرْط عندهما، وكذا سَتْرُ العورة عند الشافعي.

(فإذَا تَمَّتَا) أي الخطبتان (أُقِيمَ) أي للصلاة. وفي بعض النسخ: أُقِيمَتْ أي الصلاة (وصَلَّى الإِمَامُ بالنَّاس رَكْعَتَيْنِ) بذلك جرى العمل من حياته صلى الله عليه وسلم


(١) عبارة المخطوط: ثم إسناده زيادة، وزيادة الثقة … والمثبت من المطبوع.
(٢) في المطبوع: لا يفيد، والمثبت من المخطوط.
(٣) سورة الجمعة، الآية: (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>