للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يَخْرُجُ إلى المُصَلَّى

===

(ثُمَّ يَخْرُجُ) ماشياً لِمَا رُوِيَ: «أن عليّاً لَمَّا قَدِمَ الكوفة، استخلف من يصلِّي بالضَّعَفَة صلاة العيدين في الجامع، وخرج إلى الجَبَّانة (١) مع خمسين شيخاً يمشي ويمشون»، (إلى المُصَلَّى) أي مُصَلَّى العيد، جاهراً بالتكبير عند أبي يوسف ومحمد كما في الأضحى، وهو رواية عن أبي حنيفة حكاها الطَّحَاوي عن أستاذه ابن عِمْرَان البَغْدَادِي عنه، ووجهها ظاهر قوله تعالى {ولِتُكْمِلُوا العِدَّة ولِتُكَبِّروا اللَّهَ على ما هَدَاكُم} (٢) . وما رواه الدَّارَقُطْنِيّ عن ابن عمر موقوفاً: «أنه كان إذا غَدَا يوم الفِطْر ويوم الأضحى، يجهر بالتكبير حتى يأتي المُصَلَّى، ثم يُكَبِّر حتى يأتي الإمام». ومرفوعاً: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفِطْر، من حين يخرج من بيته حتى يأتي المُصَلَّى». وقد وقفه، فلا يضر ضعف رَفْعه لجَزْمِنا بعدم ابتكار ذلك من عنده، لشدة حرصه على متابعة النبي واجتناب مخالفته صلى الله عليه وسلم

قال البيهقي: وَوَقْفه هو الصحيح، وأمّا رفعه فضعيف. ولفظه: «أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفَضْل بن عباس، وعبد الله، والعباس، وعليّ، وجعفر، والحسن، والحسين، وأُسَامَة بن زَيْد، وزَيْد بن حَارِثَة، وأيْمَن بْن أُمِّ أَيْمَن، رافعاً صوته بالتهليل والتكبير، فأخذ طريق الحدَّادين حتى يأتي المُصَلَّى، وإذا فَرَغَ رجع على الحدَّادين حتى يأتي منزله». وفي رواية: «يُكبِّر يوم الفِطْر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المُصَلَّى». وكلاهما ضعيف.

وغيرُ جاهر به عند أبي حنيفة في رواية المُعَلَّى عنه. ووجهها أنَّ رفع الصوت بالذكر خلاف الأولى، لمخالفة قوله تعالى: {واذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وخِيْفَةً ودُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ} (٣) ، وقوله صلى الله عليه وسلم «خيرُ الذِّكْر الخَفِيّ، وخيرُ الرِّزْقِ ما يكفي». رواه أحمد، وابن حِبَّان، والبيهقي، عن سعد، فَيُقْتَصَرُ فيه على مورد الشرع.

وقد ورد الجهر في الأضحى وهو قوله تعالى: {واذْكُرُوا اللَّهَ في أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (٤) ، وقد جاء في التفسير: أن المراد التكبير في هذه الأيام، وليس الفِطْر في معناه حتى يُلْحَقَ به، لاختصاصه بركن من أركان الحج الذي شُرِعَ التكبير فيه عَلَماً على أفعاله. وفعل ابن عمر مُعَارَضٌ بما رُوِيَ عن ابن عباس: «أنه سمع الناس يكبّرون،


(١) الجَبَّانة: الصحراء. المعجم الوسيط، ص: ١٠٦، مادة (جبن).
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٨٥).
(٣) سورة الأعراف، الآية: (٢٠٥).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>