للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُجَمَّرُ تَخْتُهُ وكَفَنُهُ وِتْرًا.

ويُغَسَّلُ

===

صلى الله عليه وسلم على أبي سَلَمَة وقد شَقَّ بَصَرُه، فأغْمَضَه، ثم قال: إن الروح إذا قُبِضَ (١) تبعه البصر، فَضَجَّ ناس من أهله ـ أي فصاحوا ـ فقال: لا تَدْعُوا على أنفسكم إلاَّ بخير، فإن الملائكة يُؤَمِّنُون على ما تقولون. ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المَهْدِيِّين، واخْلُفْه في عقِبهِ في الغابرين» (٢) . شَقَّ بصره، بفتح الشين ورفعِ البصر، وضَبَطَه بعضهم بالنصب معناه: شَخَصَ. ويقول مُغْمِضه: باسم الله، وعلى ملَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُسْتَحب تعجيل دفنه.

(ويُجَمَّرُ) بصيغة المجهول مخففاً أو مشدداً أي يُبَخَّر (تَخْتُهُ) أي سريره. قيل: ويوضع عليه طولاً إلى القبلة. وقيل: عرضاً، والأصح كما قال السَّرَخْسِي: كيفما تيسر ليَنْصَبَّ عليه الماء، وكان أقرب إلى التنظيف (وكَفَنُهُ) عند إرادة غسله، بأن تدار المِجْمَرَة حوله، إزالة لِمَا عسى أنْ يكون من الرائحة الكريهة. (وِتْراً) مرة أو ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، ولا يزاد على ذلك. روى أحمد، وابن حِبَّان في صحيحه، والحاكم وصححه، عن جابر: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أجْمَرْتُم الميت، فأجْمِرُوه وِتْراً». وفي رواية: «فأجْمِرُوه ثلاثاً».

(ويُغَسَّلُ) بالتخفيف والتشديد. وغسلُه فرضُ كفاية على الأحياء بالاتفاق، حتى لو وُجِدَ ميت في الماء غسل، وإن كان تَفَسَّخَ صُبَّ عليه الماء.

واختلفوا في سبب غسله: فقيل: حَدَثٌ يَحُلُّ بالميت، لاسترخاء مفاصله. فإن الآدمي لا يَنْجُسُ بالموت، كرامةً له. وإنما لم يُقْتَصَرْ على أعضاء الوضوء، لأن في الاقتصار عليها في الحياة نفياً للحرج فيما يتكرر كل يوم، والحَدَثُ بسبب الموت لا يتكرر، فكان كالجنابة. وقال العراقيون: سببه النجاسة بالموت كسائر الحيوانات، لأن شخصاً لو حمل إنساناً ميتاً وصَلَّى لم تجز صلاته. ولو حمل مُحْدِثاً، فصلى جازت. وزوال نجاسته بالغسل دون باقي الحيوانات، كرامةً له، هذا هو الأظهر، إلاَّ أنَّ حديث أبي هريرة: «سبحان الله، إنّ المؤمن لا يَنْجُس حياً ولا ميتاً» (٣) . فإن صحّت الرواية،


(١) في المطبوع أفل، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في صحيح مسلم ٢/ ٦٣٤، كتاب الجنائز (١١)، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حُضِرَ (٤). رقم (٧ - ٩٢٠).
(٢) أي: كُن خليفةً له في ذريته الباقين.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ١/ ٣٩٠، كتاب الغسل (٥)، باب عرق الجنب وأن المسلم … (٢٣)، رقم (٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>