للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قَلْمِ ظُفُرٍ، ولا تَسْرِيحِ شَعْرٍ

===

ولو وُلِدَ ميتاً، رُوِي عن أبي حنيفة ومحمد: أنه لا يُغَسَّلُ، لأن الغسل لأجل الصلاة، وهو لا يُصَلَّى عليه. وعن أبي يوسف: يُغَسَّلُ، لأنه يشبه الجزء من وَجْهٍ، والنفس من وجه، فَيُغَسَّلُ اعتباراً بالنفس، ولا يُصَلَّى عليه اعتباراً بالجزء. وفي «الخلاصة»: السِّقْطُ (١) الذي لم تتمّ أعضاؤه لا يصلّى عليه، ولكن يُغَسَّلُ ويُدْفَنُ في خِرْقَةٍ، وكأَنه اختار رواية أبي يوسف.

(ولا قَلْمِ ظُفُرٍ) أي وبلا قطعه. وعن (أبي حنيفة) (٢) وأبي يوسف: إذا كان الظُّفُرُ منكسراً، فلا بأس بأخذه. وكذا لا يُقَصُّ شاربه ولا يُنْتَفُ إبْطُه ونحو ذلك.

(ولا تَسْرِيحِ شَعْرٍ) أي من رأسه ولحيته لِمَا رَوَى محمد بن الحسن في «آثاره»، عن أبي حنيفة، وعبد الرَّزَّاق في «مصنفه»، عن سفيان الثوري كلاهما عن حَمَّاد، عن إبراهيم: «أنَّ عائشة رأت امرأة يَكْدُون (٣) شعرها بمشط فقالت: علام تُنْصُون ميتكم؟» أي تَمُدُّونَ ناصيته. وتكدون وتنصون على زِنَة تبكون ـ فأرادت عائشة أنَّ الميت لا يحتاج إلى تسريح الرأس. وعَبَّرَت بالأخذ بالناصية تنفيراً.

ومذهب الشافعيّ: قَصُّ ظُفُرهِ وشاربه، وتسريح لحيته وشعره بمشط واسع. وكذا غسله في قميص وبماء بارد اعتباراً له بالحي، واعتباراً بغسل النبيّ صلى الله عليه وسلم في قميصه، ولقول أم عَطِيَّة في غسل بنت النبيّ صلى الله عليه وسلم «فضَفَرْنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها». ولأن المُسَخَّنَ يوجب انحلال ما في الباطن فيكثر الخارج.

ولنا: أنَّ في الماء الحار مبالغةً في التنظيف كالسِّدْرِ (٤) والحُرضِ (٥) . وكون سخونته توجب الانحلال داع لا مانع، لأن المقصود يتم به، إذ باستفراغ ما في الباطن يحصل تمام النظافة، والأمان من تلويث الكَفَن عند تحريك الحَامِلِين. وقد سبق أنَّ غسله صلى الله عليه وسلم في قميصه كان من خصائصه. ولا يلزم من تضفير الشعر تسريحه كما لا


(١) السِّقْط: الولد ذكرًا كان أو أنثى يسقط قبل تمامه وهو مُسْتبِينُ الخَلْقِ. المصباح المنير، ص: ٢٨٠، مادة (سقط).
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) كَدَّ شعره: مَشَطَه. المعجم الوسيط، ص: ٧٧٩، مادة (كدّ).
(٤) السِّدْر: الورق المطحون من شجرة النَّبْقِ. المصباح المنير، ص: ٢٧١، مادة (سدر). وشجرة النَّبْقَ: شجرة من الفصيلة السِّدْرية قليلة الارتفاع، أغصانها مُلْسٌ بيض اللون تحمل أَوراقًا متبادلة مُلْسًا، وأَزهارها صغيرة متجمعة إبطية، وثمرتها حَسَلَة حلوة تؤكل، وهى تنمو في مصر وفى غيرها من بلاد إفريقيا الشمالية. المعجم الوسيط، ص: ٨٩٨.
(٥) الحُرْض: رمادٌ إِذا أحرق ورُشّ عليه الماء انعقد وصار كالصابون تنظَّف به الأيدي والملابس. المعجم الوسيط، ص: ١٦٧، مادة (حرض).

<<  <  ج: ص:  >  >>