للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُنَّ في حَمْلِ الجِنَازَةِ أرْبَعَةٌ،

===

بهذا المعنى جُمِع في قوله تعالى: {إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} (١) أو لكِبَرهِ وسعة قدره، أو لتعظيم أمره، أو لاشتماله على جهات، كل جهة بمنزلة مسجد، أو لأنه قِبْلة المساجد كلها.

ولا يُصَلَّى عندنا ـ وفي ظاهر مذهب مالك ـ على غائب، وعُضْوٍ عُلِمَ موت صاحبه، إلاَّ أن يوجد أكثر بدنه أو نصفه مع رأسه. لا مطلقاً كما قال الشافعي، معللاً بأنها دعاء، فتجوز بلا قيد حضوره، ولا وجود أكثر بدنه. كيف وقد روى الشيخان، عن أبي هريرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَعَى النَّجَاشِي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المُصلَّى، فصف بهم، وكبّر عليه أربع تكبيرات».

قلنا: كان ذلك من خصائصه، بدليل عدم صلاته على الغائبين من أصحابه مع شدة حرصه على الصلاة عليهم لِمَا روينا. وهذا الخلاف مبني في الحقيقة على منع تعدد الصلاة عليها وعدمه.

(وسُنَّ في حَمْلِ الجِنَازَةِ أرْبَعَةٌ) من الرجال، لِمَا رَوَى محمد في «الآثار»، عن أبي حنيفة، عن منصور بن المُعْتَمِر، عن عُبَيْد بن نِسْطَاسٍ (٢) ، عن أبي عُبَيْدَة، عن أبيه، عبد الله بن مسعود أنه قال: «من السُّنَّةِ حمل السرير بجوانبه الأربع». ورواه أبو داود الطَّيَالسِي، وابن أبي شَيْبَة، وعبد الرَّزَّاق، عن شُعْبَة، عن مَنْصُور ولفظهما: «فليأخذ بجوانب السرير الأربع». ورواه ابن ماجه بلفظ: «من اتَّبَعَ جِنَازة، فليأخذ بجوانب السرير الأربع كلها، فإنه من السُّنَّة. فإن شاء فليتطوع، وإن شاء فليَدَعْ». ولقول علي الأزْدِيّ: «رأيت ابن عمر في جِنَازة فحمل بجوانب السرير الأربع». ولقول أبي هريرة: «(من حمل الجِنَازة بجوانبها الأربع، فقد قضى الذي عليه». رواهما عبد الرَّزَّاق. وورد:) (٣) من «حمل الجِنَازة بجوانب السرير الأربع، غُفِرَ له أربعون كبيرة». رواه ابن عساكر، عن واثلة.

ولا يُسَنُّ ثلاثة كما قاله الشافعي بأن يضع الخشبتين المقدَّمَتَين على عاتقيه ورأسه بينهما، ويحمل المؤخَّرَتَين رجلان. وهذا أفضل من التَّرْبيع في الأصح من


(١) سورة التوبة، الآية: (١٨).
(٢) في المخطوط بطاس، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموافقته لما في سنن ابن ماجه ١/ ٤٧٤، كتاب الجنائز (٦)، باب ما جاء في شهود الجنائز (١٥)، رقم (١٤٧٨).
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>