للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتخليلُ اللحيةِ

===

والاستنشاقِ بيمينه، وقيل: يَستنشق بِيساره، والصحيحُ أنه يَستنشق بيمينه، ويَستنثر بيساره.

وقال أحمدُ في أقوى الروايتين عنه بوجوبِ المضمضة والاستنشاق (في الوضوء لما روى الدارقطني عن أبي هريرة قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمضمضمة والاستنشاق) (١) . هذا، وقال المصنّفُ (٢) : إنما قلتُ: بمياهٍ ليدلَّ على أنَّ المسنون التثليث بمياهٍ جديدة، انتهى. وذلك لأنَّ أقلَّ الجمع ثلاثة، لكن لا خفاءَ في خفاءِ الدلالة على التجديد، فلو قال: بغَرَفاتٍ بدلَ قوله: بمياهٍ لكان مشعراً بما ذَكَر.

وقدَّمَ غَسلَ الفم لأن تقديمه سُنَّة. ومِن الدليلِ على الفصل بين المضمضة والاستنشاق ما رواه أبو داود عن طلحة بن مُصَرِّف عن أبيه عن جدّه: «أنه رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَفْصِلُ بين المضمضة والاستنشاق». وسكت عنه المنذري، فهو حديثٌ حسن، لكن روى أبو داود في «سننه» ضدَّ ذلك عن عليّ: «أنه وصَفَ وضوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمضمض مع الاستنشاق بماءٍ واحد» فمحمولٌ على بيانِ الجواز، فإنَّ الأوَّل أولى كما لا يخفى.

(وتخليلُ اللحيةِ) بالرفع أيضاً، لما روى الترمذي وابنُ ماجه عن عثمان: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُخَلِّلُ لحيتَه». ولفظُ الترمذي: «توضَّأ وخلَّل لحيتَه»، وقال: حسَنٌ صحيح، وصحَّحه ابنُ حِبَّان والحاكم، وقال الترمذي في «عِلله الكبير»: قال محمدُ بن إسماعيل ـ يعني البخاري ـ: أصحُّ شيء عندي حديثُ عثمان، وهو حديثٌ حَسن انتهى. فكيف وله شواهِدُ من حديث عمَّارٍ وأنس؟ كما رواها (٣) الحاكم والترمذي وابن ماجه: «رأيتُه عليه الصلاة والسلام يُخلِّلُ لحيتَه». وحديثُ أنس قال: «كان عليه الصلاة والسلام إذا توضَّأ خلَّل لحيته» رواه البزار وابن ماجه، وحديثُ أبي أيوب نحوُه، رواه ابنُ ماجه.

وكيفيةُ تخليلها أنْ يُدخِل أصابَعه من أسفل لحيته إلى ما فوقها لما رَوَى أبو داود عن أنس قال: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ أَخَذَ كفّاً من ماءٍ فأدخلَهُ (٤) تحت حَنَكِهِ فخلَّل به لحيته وقال: بهذا أمَرني ربي» وسكَتَ عنه، وكذا المنذري. ويؤيده حديثُ ابن عباس: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضَّأ، وقال فيه: فخلَّلَ لحيتَه، فقلتْ: يا


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوطة.
(٢) شرح الوقاية ١/ ٦٠.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "رواهما". والمثبت من الجزء الذي حققه شيخنا الشيخ عبد الفتاح أَبو غدة - رحمه الله تعالى - من هذا الكتاب.
(٤) في المخطوطة والمطبوعة: "أدخل"، والمثبت من سنن أَبي داود ١/ ١٠١، كتاب الطهارة (١)، باب تخليل اللحية (٥٧)، رقم (١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>