للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصابعِ،

===

رسول الله هكذا الطُّهور؟ قال: «هكذا أمَرني ربِّي». رواه الطبراني في «الأوسط». ورَوَى أيضاً حديثَ أبي أُمامة وحديثَ عبد الله بن أبي أوْفى. وفي حديثِ أبي الدرداءِ وحديثِ أم سَلَمة: كان إذا توضَّأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خلَّل لحيتَه. وروى البزَّارُ عن أبي بَكْرة: أنه عليه الصلاة والسلام توضَّأ وخلَّل لحيتَه. وروى ابنُ عَدِيّ عن جابر: أنه توضَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرَ مرةٍ ولا مرَّتينِ ولا ثلاثَ مرَّاتٍ، فرأيتُه يخلِّلُ لحيتَه بأصابعه كأنها أسنان المُشْطِ.

فهذه الأحاديثُ تؤيِّدُ قولَ أبي يوسف: إنَّ تخليل اللحية سُنَّة، إلا أنَّ أبا حنيفة يقول: لم يَثْبُت منها المواظبةُ، بل مجرَّدُ الفعلِ إلا في شذوذٍ من الطُّرق، فكان مُستحبّاً لا سُنَّة.

(والأصابعِ) أي وتخليلُ أصابعِ اليدين والرجلين، لِمَا تقدَّم من حديث لَقِيط، ولِمَا روى الترمذي وحسَّنه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا توضَّأْتَ فخلِّلْ أصابعَ يديك ورجليك». وتخليلُ الأصابع يكون بالتشبيك، والأَولَى أن يَجْعَل باطنَ كفِّه اليُمنى على ظهر اليُسرى، وبَطْنَ كفِّه اليُسرى على ظهر اليُمنى. وروى أحمدُ في «مسنده» عن المُسْتورِد بن شدَّاد صاحبِ النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ يخلَّل أصابعَ رجليه بِخِنْصَرِه.

وكيفيةُ تخليلِها: أن يضع يدَه اليُسرى في أسفلِ رجله اليُمنى ويُدخِلَ خِنْصَرَها بين الأصابع، مُبتدِءاً مِنْ خِنصرِهِ اليُمنى منتهياً إلى خِنصَرِه اليسرى. وهذا إذا وصَلَ الماءُ داخلَ الأصابع، وأمَّا إذا لم يصل بأنْ كانت مُنضمَّةً، فإنَّ تخليلها واجب، فقد ورد في الدارقطني مرفوعاً: «خَلِّلوا (بين) (١) أصابِعِكم، لا يُخلِّلها الله بالنار يوم القيامة». وفي الطبراني: «مَنْ لم يُخلّل أصابعَه بالماء خلَّلها الله بالنَّار يومَ القِيامة» (٢) .

وقال ابنُ الهُمام: أمثَلُ أحاديث التخليل ما في «السنن الأربعة» من حديث لَقِيط بن صَبِرَة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا توضَّأتَ فأسْبِغ الوضوء، وخلِّلْ بين الأصابع»، قال الترمذي: حسَنٌ صحيح. ورَوَى هو وابنُ ماجه عن ابن عباس قال عليه الصلاة والسلام: «إذا توضَّأْتَ فخلَّل أصابعَ يديك ورجليك»، وقال: حسَنٌ غريب (٣) .


(١) ما بين الحاصرتين من سنن الدارقطني.
(٢) إسناده واهٍ جدًّا كما قال ابن حجر. انظر فيض القدير ٣/ ٤٥١.
(٣) عبارة المخطوطة: "حسن صحيح غريب" وعند الرجوع لسنن الترمذي ١/ ٥٧، كتاب الطهارة (١)، باب ما جاء في تخليل الأصابع (٣)، رقم (٣)، وجدنا أن لفظة "صحيح" زائدة من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>