للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلَ الإِمامُ أُمَّةً نَحْوَ العَدُوِّ، وصَلَّى بأُخْرَى رَكْعَةً فِي الثُّنَائِي، ورَكْعَتَيْنِ في غَيْرِه ومَضَتْ هذه إِليه، وَجَاءَتْ تِلْكَ وصَلَّى بهم مَا بَقِي وسَلَّمَ وَحْدَه ومَضَتْ إِليه، وجَاءَتِ الأُخْرَى وأَتمَّتْ بِلا قِرَاءَة، ثُمٌ الأُخْرَى وأَتَمَّتْ بِهَا.

===

سبب الرخصة، وإِن ظهر خلافه، لم تجز.

(جَعَلَ الإِمامُ أُمَّةً) أَي طائفة كقوله تعالى: {ولَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عليه أُمَّةً مِنَ النَّاسِ} (١) (نَحْوَ العَدُوِّ، وصَلَّى بأُخْرَى رَكْعَةً) لقوله تعالى: {فَلْتَقُم طَائِفةٌ مِنْهُم مَعَكَ ولْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُم فإِذا سَجَدُوا} (٢) أَي هذه الطائفة {فليكونوا} أي الطائفة الأخرى: {مِنْ ورائكم}. (فِي الثُّنَائِي) سواء كان فجراً أَوْ قصراً (ورَكْعَتَيْنِ في غَيْرِه) أَي غَيْر الثنائي (ومَضَتْ) مشت (هذه) أي التي صلت (إِليه) أَي إِلى وجه العدو.

(وَجَاءَتْ تِلْكَ) أَي التي كانت نحو العدو (وصَلَّى بهم) لقوله تعالى: {ولتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} (٣) (مَا بَقِي) وهو ركعة في الثنائي والمغرب، وركعتان في غيره (وسَلَّمَ) الإِمام (وَحْدَه ومَضَتْ إِليه) أَي إِلى العدو. وفي «المحيط»: ولو كانت الطائفة الثانية حين سلم الإِمام، قَضَوْا ركعتين في مكانهم، ثُم انصرفوا، جاز، والأَفضل ما ذكرنا. قلت: ويؤيد الأَول اقتصاره سبحانه في الآية على ما تقدم، وبعض الأَحاديث الآتية، والله تعالى أَعلم.

(وجَاءَتِ الأُخْرَى) وهي الأُولى (وأَتَمَّتْ بِلا قِرَاءَةٍ) لأَنها لاحقةٌ، واللاحق في حكم المقتدي، ومضت إلى وجه العدو. (ثُمَّ) جَاءَتِ (الأُخْرَى) وهي الثانية (وأَتَمَّتْ بِهَا) أَي بِقِرَاءةٍ، لأَنها مسبوقةٌ، والمسبوق في حكم المنفرد.

لنا على أَنَّ هذه كيفية صلاة الخوف: ما في الكتب الستة ـ واللفظ للبخاري ـ عن ابن عمر قال: «غَزَوتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم قِبَل نَجْدٍ فوازَيْنا العدوَّ، فصَافَفْنَاهُمْ، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي لنا، فقامت طائفةٌ معه تُصَلِّي وأَقبلت طائفةٌ على العدو، وركعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِمَنْ معه وسجد سجدتين، ثُم انصرفوا مكانَ الطائفة التي لم تصلِّ، فجاؤا فركع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِهِمْ ركعةً، وسجَد سَجْدَتَين، ثُم سلَّم، فقام كلُّ واحدٍ ـ أي مِنْ القوم ـ وهم الطائفتان، فرَكَعَ لنفسه ركعةً، وسجَد سَجْدَتَين».


(١) سورة القصص، الآية: (٢٣).
(٢) سورة النساء، الآية: (١٠٢).
(٣) سورة النساء، الآية: (١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>