وفي لفظٍ آخَرَ له عن ابن عمر:«فإِذا صلَّى الذين معه ركعةً استأْخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يُسَلِّمون، ويتقدم الذين لم يصلُّوا فيصلُّون معه ركعةً، ثُم ينصرف الإِمام وقد صلَّى ركعتين، فتقُوم كلُّ واحدةٍ من الطائفتين فيصلّون لأَنفسهم ركعةً واحدةً بعد أَنْ ينصرف الإِمام». الحديثَ. وروى أَبو داود عن مسلم بن إِبراهيم، عن عَبْد الصَّمَد بن حَبِيب، عن أَبيه أَنهم غزوا مع عبد الرحمن بن سَمُرَة كابُلَ فصلى بهم الخوف، وإِنَّ الطائفة التي صلَّى بهم ركعةً ثُم سلم مضوا إِلى مقام أَصحابهم، وجاء هؤلاء فصلّوا لأَنفسهم ركعةً، ثُم رجعوا إِلى مقام أُولئك وجاء الآخرون، فصلَّوا لأَنفسهم ركعةً.
وروى أَبو داود عن ابن مسعود: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فقاموا صفّاً خلْفَه، وصفّاً مُسْتَقْبِلَ العدو، فصلى بهم ركعةً، ثُم جاء الآخرون فقاموا في مقامهم، واستقبلَ هؤلاء العدوَّ فصلَّى بِهِمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ركعةً ثُم سلَّم، فقام هؤلاء فصلَّوا لأَنفُسِهم ركعةً، ثُم سلّموا، ثُم ذهبوا فقاموا مقام أُولئك مستقبل العدو، ورجع أُولئك إِلى مقامهم فصلَّوا لأَنفسهم ركعةً، ثُم ذهبوا فقاموا مقام أُولئك مستقبل العدو، ورجع أُولئك إِلى مقامهم فصلّوا لأَنفسهم ركعةً ثُم سلَّموا». ولا يخفى أَنَّ كُلاًّ من الأَحاديث إِنما يدل على بعض المُدَّعى، وقد رَوَى تمام صورة الكتاب محمد بن الحسن في كتاب «الآثار» من رواية أبي حنيفة موقوفاً على ابن عباس، وهو كالمرفوع في هذا الباب (١) . والله تعالى أَعْلمُ بالصواب.
ومذهب الشافعي: أَنه يصلي بالطائفة الأُولى شَطْرَها في غير المغرب، فإِذا قام فارقته وأَتَمَّت هذه الطائفة صلاتها فُرادى وذهبت إليه، وجاءت الطائفةُ الأُخْرَى فاقتدت به وصلت معه، فإِذا جَلَس للتشهُّد قامت وأَتَمَّتْ ما فاتَها ولَحِقَتْهُ في التشهد وسَلَّم بهم، لقول سهل بن أبي حَثْمة:«يقوم الإِمام مستقبل القبلة، ويقوم طائفة منهم معه، وطائفة من قبل العدو ووجوههم إِلى العدو، فيركع بهم ركعةً، ويركعون لأَنفسهم، ويسجدون لأَنفسهم سجدتين في مكانهم، ثُم يذهبون إِلى مقام أُولئك ويجيء أُولئك، فيركع بهم ركعةً، ويسجد بهم سجدتين، فهي له ثنتان ولهم واحدةٌ، ثُم يركعون ركعةً، ويسجدون سجدتين». رواه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، لم يرفعه يحيى بن سعيد الأَنصاري، عن القاسم بن محمد. ورفَعه شُعْبة، عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، عن أَبيه، عن صالح بن خَوَّات، عن سهل بن أَبي حَثْمَة،
(١) لأن الصحابي إِذا روى ما لا مجال للعقل في إدراكه، فله حكم المرفوع، وهنا كذلك.