للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم

ومذهب مالك: أَنْ الإِمام يُسَلِّم وَحْدَه بلا انتظارهم، وتُتِمُّ هذه الطائفة بعده. وحكاية ابن مسعود تشهد له. قال القُرْطبي في «شرح مسلم»: والفرق بين حديث ابن عمر وحديث ابن مسعود: أَنْ في حديث ابن عمر كان قضاؤهم في حالةٍ واحدةٍ، ويبقى الإِمام كالحارس وَحْدَه. وفي حديث ابن مسعود كان قضاؤهم متفرِّقاً على صفةِ صلاتهم. وقد تأَوَّل بعضهم حديث ابن عمر على ما في حديث ابن مسعود، وبه أَخذ أَبو حنيفة رحمه الله تعالى وأَصحابه غير أَبي يوسف، وهو نَصُّ أَشْهَب مِنْ أَصحابنا خلافَ ما تأَوَّلَهُ ابنُ حبيب. انتهى.

وفي صلاة الخوف دلالةٌ ظاهرةٌ على كون الجماعة فريضةً، وأَنَّ تعدُّد الجماعة وإِعادَتها غير جائزٍ، ولو بالضرورةِ، وأَما تعليل أَبي يوسف بأَنَّ الناس كانوا يرغبون في الصلاة خَلْفَه عليه الصلاة والسلام ما لا يرغبون في الصلاة خلف غيره، فَشُرِعت بصفة الذهاب والمجيء لينال كل فريق فضيلة خَلْفَهُ، وقد ارتفع هذا المعنى بعده، فكل طائفة يتمكنون من أَداء الصلاة بإِمامٍ على حِدَة، فلا يجوز لهم أَداؤها بصفة الذهاب والمجيء، فمدفُوعٌ بأَن الأَصل عَدمُ اختصاصه وقيام نائبه ـ وهو الإِمام ـ على أُمته بعده، وقد أَجمع الصحابة على ذلك، فلا ينبغي الخلاف لما جرى هنالك.

وذكر شمس الأَئمة السَّرَخْسِي: أَنَّ مخالفة أَبي يوسف إِنما هي في صلاة الخوف بصفة الذهاب والمجيء كما ذكره، لأَنه نقَل موافقته لهما فيما إِذا كان العَدُوُّ في وجه القبلة، وصورة ذلك: أَنْ يجعلَ الإِمام الناسَ صَفَّين يفتح الصلاة بهم جميعاً، فإِذَا ركَع الإِمامُ ركعُوا معه، وإِذا سجَد سَجَدَ معه الصفُّ الأَوَّل، والصفُّ الثاني قيامٌ يَحْرُسونَهم، فإِذا رفعوا رؤوسهم سجد الصفُّ الثاني، والصفُّ الأَول قعودٌ يحرسونَهم، فإِذا رَفَعُوا رؤوسهم سجد الإِمام السجدةَ الثانيةَ وسجد معه الصفُّ الأَول، والصف الثاني قعودٌ يَحْرُسُونَهم، فإِذا رفعوا رؤوسهم سجد الصفُّ الثاني، والصف الأَول قيامٌ يحرسونَهم، فإِذا رفعوا رؤوسهم تأخَّرَ الصفُّ الأَول وتقدم الصفُّ الثاني فصلّى بهم الركعة الثانية بهذه الصفة أَيضاً، فإِذا قَعَدُوا سلَّم وسلَّمُوا معه، وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بِعُسْفان.

رواها أَبو داود وغيره عن أَبي عَيَّاش الزُّرَقي وغيره.

وقال: «كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُسْفَان وعلى المشركين خالد بن الوليد فصلّينا الظهر، فقال المشركون: لقد أَصبنا غفلةً لو كنَّا حمَلْنا عليهم وهم في الصلاة، فنزلت

<<  <  ج: ص:  >  >>