للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

خرَج، ما صَنَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: جَعَلَ عمودَيْنِ عن يساره، وعموداً عن يَمِينِه، وثلاثةَ أَعْمِدة وراءه، ثُمَّ صَلَّى، وكان البيتُ يَومَئذٍ على ستةِ أَعْمِدة».

وفي رواية قال: «قَدِم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الفَتْحِ فنزل بفِنَاءِ الكعبة، فأَرسلَ إِلى عثمانَ بنِ طلحةَ، وأَمَرَ بالبابِ فأُغْلِقَ، فَلَبِثُوا فيه ملياً، ثُم فتح الباب، قال عبدُ الله: فبادَرْتُ البابَ فتلَقَّيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خارجاً، وبلالاً على أَثَره، فقلت لبلال: هل صلَّى فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، قُلْتُ: أَيْنَ؟ قال: بَيْنَ العمودَيْن تلقاءَ وَجْهِهِ، ونسيت أَنْ أَسْأَلَه كم صَلَّى»؟

فإِنْ قيل: في «الصحيحين» أَيضاً عن ابن عباس: «أَنْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل الكعبةَ وفيها ستُّ سواري، فَقَامَ عِنْدَ ساريةٍ فدعا ولم يُصَلِّ». وفي روايةٍ عنه قال: «أَخبرني أُسامَةُ بنُ زيد: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا دخل البيت دعا في نواحيه كلِّها ولم يُصَلِّ فيه حتى خرج، فلما خَرج رَكَع في قِبَل البيت ركعتين، وقال: هذه القِبْلة». مختصر. أُجِيبَ: بأَنَّ حديثَ بلال مُثْبِتٌ، فقُدِّم على حديثِ ابن عباس لأَنه نَافٍ.

وقيل: دَخَلها ولم يُصَلِّ، ثُم دخلَها من الغد وصَلَّى، لما رَوى الدَّارَقُطْنِيّ عن ابن عمر قال: «دخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم البيتَ، ثُم خرج وبلالٌ خَلْفَه، فَقُلْتُ لبلال: هل صلَّى؟ قال: لا، فَلَما كان من الغَدِ دَخَل، فسَأَلْتُ بِلالاً هل صلَّى؟ قال: نعم، صَلَّى ركعتين».

وقال ابن حِبَّان في «صحيحه»: يُحمل حديثُ بلال على يومِ الفَتح، وحديثُ ابن عباس على حَجَّةِ الوَدَاع. واعتُرِض عليه بما روى إسحاق بنُ رَاهُويه في «مسنده»، والطبراني في «مُعْجمه» عن ابن عباس: «أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يدخُلِ البيتَ في الحج، ودخل عامَ الفَتْح».

وفي أَبي داودَ عن عبد الرحمن بن صَفْوان قال: «قلت لعمرَ بن الخطاب: كيف صَنَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين دخلَ الكعبةَ؟ قال: صَلَّى رَكْعَتينِ». وفي «صحيح ابن حِبان» من حديث عبد الله بن السَّائب قال: «حَضَرْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الفَتْح وقد صلّى في الكعبة، فخلعَ نَعْليهِ فَوضعَهُما عن يساره، ثم افتتح سورةَ المؤمنين، فَلَمَّا بَلَغَ ذِكْرَ موسى أَوْ عيسى أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ».

قال النووي: وأَما نَفْيُ أُسَامَةَ فَسَبَبُهُ: أَنهم لَمَّا دَخَلوا الكعبةَ أَغلقوا البابَ، فاشتغلوا بالدعاء، ورأى أُسَامة النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو، فاشتغل هو أَيضاً في الدعاء في ناحيةٍ من نواحيه، والنبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو، فاشتغل هو أَيْضاً في الدعاء في ناحيةٍ أُخْرى. وبلالٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>