للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال البَزَّار: لا أَعلم أَحداً أَسْنَدَ عن ابن عباس إِلاَّ بَقِيَّة عن المسعودي، وقد رواه الحفاظ عن الحَكَم (١) عن طاوس مرسلاً.

وأُجيب عن الحديث الأَول: بأَنَّه ساكت عن الأَوقاص، ليس فيه تَعَرُّضٌ لها. وعن الحديث الثاني: بأَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم توفي قبل قُدُومِ معاذ من اليمن، لِمَا روى مالك في «الموطأ» عن حُمَيْد بن قيس، عن طاوس: «أَنَّ معاذاً أَخذ من كل ثلاثين بقرةً تبيعاً، ومن كل أَربعينَ بقرةً مُسِنَّة (٢) ، وأُتِيَ بما دون ذلك، فَأَبى أَنْ يأخذَ منه شيئاً، وقال: لم أَسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أَلقاه وأَسأَله، فتوفي النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل أَنْ يَقْدَمَ معاذ». لكنه منقطع، إِذْ لم يُدْرِك طاوس معاذاً، ومُعَارَضٌ بما رواه أَبو يَعْلَى المَوْصلِي في «مُسْنَدِهِ» عن صهيب: أَنَّ معاذاً لما قَدِمَ من اليمن سَجَدَ للنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له: «يا معاذُ، ما هذا؟ قال: إِنِّي لما قَدِمْتُ اليمن، وجدت اليهود والنَّصَارَى يسجدون لعظمائهم، وقالوا: هذا تحيةُ الأَنبياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كذبوا على أَنبيائهم، ولو كنتُ أَمَرْتُ أَحداً أَنْ يسجُدَ لغير الله، لأَمَرْتُ المرأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لزوجِها».

إِذْ ظاهره أَنه رجع من اليمن قبل وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو إِذا كان إِرساله إِلى اليمن مَرَّةً واحدةً فلا إشكال، على أَنه يحتمل أَنه وقع السؤال قبل الاجتماع وتغير الأَحوال، ويؤيده ما في «معجم الطبراني» من طريق ابن وَهْب، عن حَيْوَة بن شُرَيْح، عن يزيد بن أَبي حبيب، عن سلمة بن أُسامة، عن يَحْيى بن الحكم، أَنَّ معاذاً قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أَصْدُقُ أَهل اليمن، فأَمَرَنِي أَنْ آخذ من البقر من كل ثلاثين تَبِيعاً، ومن كل أَربعين مُسِنَّةً، ومن الستين تَبِيعَتَيْنِ، ومن السبعين مُسِنَّة وتبيعتين (٣) ، ومن الثمانين مُسِنّتَين، ومن العشرين والمئة ثلاث مُسِنَّات أَوْ أَربعة أَتْبِعَة. قال: وأَمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنْ لا آخذ فيما بين ذلك شيئاً، إِلاَّ أَنْ يَبْلُغَ مُسِنةً أَوْ جَذَعاً (٤) ، وقال: إِنَّ الأَوْقَاصَ (٥) لا فريضة فيها». انتهى. إِلاَّ أَنَّ سَلَمَة بنَ أُسامة، ويَحْيى بن الحكم غير مشهورَيْن، ولم يذكرْهُمَا ابن أَبي حاتم في كتابه.

وروى الدَّارَقُطْنِيّ في كتابه «المُؤْتَلِف والمُخْتَلِف»: «أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عهِد


(١) في المطبوع: الحاكم، وما أثبتناه من المخطوط.
(٢) المُسِنَّة: ما جاوز السنتين. معجم لغة الفقهاء، ص: ٤٢٩.
(٣) تقدم شرحها، ص: ٤٨٥، تعليق رقم (٥).
(٤) تقدم شرحها، ص: ٤٨٥، تعليق رقم (٦).
(٥) تقدم شرحها، ص: ٤٨٩، تعليق رقم (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>