للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا فيما يَعْمَل.

والوَاجِبُ الوَسَطُ، فإِنْ لم يوجد يأْخذ العاملُ الأَدْنَى مَعَ الفَضْل، والأَعْلَى ويَرُدُّ الفَضْلَ.

===

وصورة المسألة: إِذا كان له خَمْسٌ وعشرون من النوق، أَوْ ثلاثون من البقر، أَوْ أَربعون من الغنم، فلما مضى عليها عَشْرَةُ أَشْهُر مثلاً، ولدت أَولاداً، وهلكت الأُمهات ثم كَمَلَ الحَوْلُ على الأَولاد، فهل يجب على الأَولاد شيءٌ؟ على الخلاف المذكور عن أَبي حنيفة أَولاً: أنه يجب فيها ما يجب في المسنات، وهو قول زُفَر ومذهب مالك، لأَن قوله صلى الله عليه وسلم «في خمس وعشرين بِنْتُ مَخَاض» يشمل الصِّغار والكبار، ولِتَنَاوُلِ اسم الإِبل والبقر والغنم الصغير والكبير كتناولهما الذكر والأُنْثَى.

(ولا فيما يَعْمَل) أَي ما أُعِدَّ للعمل، كإِثارة الأَرض، وحمل الأَثقال. وقال مالك: يجب فيه الزكاة لإِطلاق قوله صلى الله عليه وسلم «ليس فيما دون خَمْسِ ذَوْدٍ (١) من الإِبل صدقة» (٢) . ولنا ما روى أَبو داود والدَّارَقُطْنيّ من حديث علي رَضِيَ الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم «هاتوا رُبُعَ العُشْرِ: من كلِّ أَربعينَ دِرْهَماً دِرْهَمٌ» إِلى أَنْ قال: «وليس في العوامل شيء». وفي رواية: «صدقة». قال أَبو الحسن القطان: سنده صحيح. وعن جابر أَنّه صلى الله عليه وسلم قال: «ليس في المُثِيرة (٣) صدقة» (٤) .

(والوَاجِبُ الوَسَطُ) من السِّنِّ الذي وجب، فلو وجب بِنْتُ لبون لا يأْخذُ العاملُ خِيَار بِنْت اللَّبُون، ولا رديئها، بل يأخذ الوَسَطَ لقوله صلى الله عليه وسلم لِمَعَاذ حين بعثه إلى اليمن: «إِيَّاك وكرائم (٥) أَموالِهم». رواه الجماعة. ولأَن في أَخذ الوَسَطِ نَظَراً للفقراء، ولِرَبِّ المال.

(فإِنْ لم يوجد) الوَسَطُ من السِّنِّ الواجب (يأْخذ العاملُ الأَدْنَى) وَصْفاً أَوْ سِنَّاً (مَعَ الفَضْل)، ويُجْبَرُ على ذلك لأَنه إِعطاءٌ بالقيمة لا بَيْعٌ.

(و) يأْخذُ العامِلُ (الأَعْلَى) وَصْفاً أَوْ سِنَّاً (ويَرُدُّ الفَضْلَ) ولا يُجْبَرُ على ذلك،


(١) تقدم شرحها، ص: ٤٧٧، تعليق رقم (٤).
(٢) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٣/ ٣١٠، كتاب الزكاة (٢٤)، باب زكاة الورق (٣٢)، رقم (١٤٤٧).
(٣) المُثِيرة: البقرة التي تثير الأَرض للزراعة. طلبة الطلبة ص: ٣٩.
(٤) سنن الدارقطني ٢/ ١٠٤، كتاب الزكاة، باب تفسير الخليطين .... ، رقم (٢).
(٥) كَرَائِم الأَموال، أي نَفَائِسها التي تتعلق بها نَفْسُ مالِكها ويَختَصُّها لها. النهاية: ٤/ ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>