للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يَجِبُ إِلَّا في السائمةِ، أَي المُكْتَفِية بالرَّعي في أَكثر الحولِ ولا في الصِّغار، إِلا تَبَعًا للكبار،

===

وروى عبد الرزاق في «مُصَنَّفِهِ»، عن ابن جُرَيْج عن عمرو بنِ دِينار: أَنَّ جُبَيْر بنِ يَعْلَى: أَخبره أَنَّه سَمِعَ يَعْلَى بن أُمية يقول: «ابتاع عبد الرحمن ـ أَخو يَعْلَى بن أُمية ـ من رجل من أَهل اليمن فرساً أُنثى بمئة قَلُوصٍ (١) ، فَقَدِمَ البائعُ على عمر فقال: غصبني يَعْلَى وأَخوه فرساً لي، فكتب إلى يَعْلَى أَنْ الْحَقْ بي، فأَتاه فأَخبره الخبر، فقال عمر: إِنَّ الخيل لتبلغ عندكم هذا، ما علمنا أَنْ فرساً يبلغ هذا، فنأخذ من كل أَربعين من الغنم شاة، ولا نأْخذ من الخيل شيئاً، خذ من كل فرس ديناراً».

قال ابن عبد البَرِّ: وروى الدَّارَقُطْنِيّ حديثاً صحيحاً، عن جَوَيْرية (٢) ، عن مالك، عن الزُّهْرِي: «أَنَّ السائب بن يَزِيد أَخبره قال: رأيت أبي يُقَوِّمُ الخيل، ثم يدفع صدقتها ـ أي رُبُعُ عُشْرِ قيمتها ـ».

(ولا يَجِبُ) زكاة الماشية (إِلاَّ في السائمةِ أَي المُكْتَفِية بالرِّعي) المباح. والرِّعي: بكسر الراء: الكلأ، وفتحها المصدر. (في أَكثر الحولِ) لأَن اسم السَّوْم لا يَزُول بالعَلْفِ اليسير لعدم إِمكان الاحتراز عنه، ولا بد أَنْ يكونَ السَّوْمُ للدَّر والنَّسل، حتى لو كان للحمل والركوب لم يكن فيها زكاة، ولو كان للبيع والتجارة كان فيها زكاة التجارة، وهي رُبُعُ عُشْرِ قيمتها.

(ولا في الصِّغار، إِلا تَبَعَاً للكبار) في انعقاد النصاب لا في تأدية الزكاة، والمراد بالصغار: الفُصْلان جمع فَصِيل: وهو وَلَدُ الناقة قبل أَنْ يصيرَ ابنَ مخاض. والحُمْلان جمع حَمَل بالتحريك: وهو وَلَدُ الشاة في السنة الأولى. والعَجَاجيل جمع عِجْل: وهو من أَولاد البقر حين تَضَعُهُ أُمُّه إِلى شهر، والأُنثى عِجْلةٌ، لأَن المقادير لا يدخلها القياس، فإِذا امتنع إِيجاب ما ورد به النص، امتنع أَصلاً، والنَّصُّ وَرَدَ بالشاة والبقر والناقة لا مطلقاً، بل ذات السِّنِّ المُعَيَّنِ من الثَّنِية، والتَّبِيع، وبِنْت المَخَاض مثلاً، ولم يوجد فَتَعَذَّرَ الإِيجاب.

وهذا قول أَبي حنيفة رحمه الله آخراً وبه أَخذ محمد. وقال أَبو يوسف: يجب فيها واحد منها، وهو رواية عن أَبي حنيفة ثانياً نظراً للفقراء ورَبِّ المال.


(١) القَلُوص: الأُنثى من الإِبل من حين تُرْكبُ إلى التاسعة من عمرها، ثم تكون بعد ذلك ناقةٌ. معجم لغة الفقهاء، ص: ٣٦٩.
(٢) صُحِّفت في المطبوع إلى: جريرة، والمخطوطة إلى: جويرة. والصواب ما أثبتناه من "نصب الراية" ٢/ ٣٥٩، وشرح معاني الآثار ٢/ ٢٦. وقد رواه الدارقطني في "غرائب مالك".

<<  <  ج: ص:  >  >>